الشيخ حسين زين الدين
الثورة، الشهادة، الولاية و... مناسبات عديدة تقف بنا ضيوفاً على أبوابها. تنتابنا الحيرة، من أين نبدأ؟! في هذا الشهر وقف النبي الأعظم صلى الله عليه وآله بآله عليهم السلام مباهلاً فانتصر...
في هذا الشهر قام أمير المؤمنين عليه السلام في محراب عبادته متصدقاً بخاتمه في الركوع فنزلت بحقه آية الولاية "إنما وليكم اللَّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
في هذا الشهر وقف سيد الشهداء عليه السلام في صحراء كربلاء يترنم مناجياً ربّه "إلهي إنْ لم يكن بك غصبٌ عليَّ فلا أبالي " فكان ضمادَ جرحه رضا خالقه، ثم كان النداء لطلب النصرة "هل من ناصر ينصرنا". فقام في هذا الشهر صدى الصوت من جديد بعد أن شقّ عُباب الزمن ليصنع الدمُ الحسيني نصراً كربلائياً في الشعار والهويّة، فكانت الثورة الإسلامية في إيران.
ومن هنا بدأت المسيرة من جديد لتثمر شجرةُ الإسلام المحمدي الأصيل أجمل قادة لأطهر مقاومة في لبنان، اتخذت من الموقف سلاحاً لحفظ الأمانة، فارتفع في هذا الشهر شيخ الشهداء راغب حرب قدس سره وسيد شهداء المقاومة عباس الموسوي قدس سره بالمقاومة إلى مستوى الضرورة بعد أن كانت الخيار فكان الانتصار. هذا الحشد من المجد في سعةٍ زمانية بحدود الأيام علامة على أصالة المسيرة، وشاهد على صدق الهوية وواقعية الشعار. إنّ المتأمّل في سلسلة الأحداث وتطور الصراع لا يواجه عناءً في اكتشاف هذه الحقيقة، وهي أن المشروع الإلهي لا يقبل الهزيمة ولا تُوْقفه التحديات، لأن المرسوم له هو الوصول إلى الغاية وليست أقل من وراثة الأرض ومن عليها في حكومة عدلٍ شاملة، والفلاح في الالتحاق بالركب الذي جَدّ في سيره اليوم وبات قريباً من الوصول. فالزمان الإلهي فرصةٌ دائمة للانتماء وعلى الإنسان أن يحوّل المكان إلى ما وهبه له هذا الزمان، فتكون الأرض للَّه يورثها من يشاء من عباده، وتكون العاقبة للمتقين. هذه هي أيّام اللَّه، لأنها تذكّر به وتقرّب الناس إليه، وإحياؤها سبيلٌ إلى طاعته ونيل لرضوانه، وهي ليست طقساً يؤدّى ولا مناسبة للذكرى فقط، إنما هي حقيقة متّصلة بإلهٍ واحد ومشروع واحد وهوية واحدة وقيادةٍ واحدة، فدمعة الحزن على مصاب الحسين عليه السلام هي نفسها تسبيحة العشق الإلهي وصوت النبض المقاوم، بل أصدق ما فيها هو دم الشهادة المبذول حيث استنارت البصيرة وعُرِف السبيل بنور الولاية.