مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تحقيق: معرض الكتاب العربي في بيروت: هل ما يزال الكتاب بخير؟

إعداد: عُلا عبد اللَّه‏



لطالما أعطى معرض الكتاب بيروت صفتها كعاصمة للكتاب العربي، هذا المعرض الذي اعتادت شريحة واسعة من المثقفين العرب واللبنانين وحتى الأجانب على ارتياده في كل عام، أطل علينا هذا العام بشكل متميز وجديد بعد انضمام اتحاد نقابة الناشرين إلى النادي الثقافي العربي لإقامة معرض واحد للكتاب، يقصده القارئ لانتقاء ما يرغب من الكتب وللإطلاع على أهم وآخر الاصدارات الجديدة في مختلف الميادين الثقافية. وكان من نتائج توحيد هذه الجهود أن أقيم المعرض على مساحة مضاعفة عما كان عليه في الأعوام الماضية، وذلك في مركز "بيال" للمعارض في وسط بيروت التجاري.

* انطباعات الزوار
كما كان لهذا التوحيد فضل كبير في توسيع حجم المشاركات لدور النشر في المعرض التي تجاوز عددها المئتي دار لبنانية وعربية، إضافة إلى بعض المشاركات الدولية. وتميز المعرض هذا العام بتوسيع دائرة النشاطات الثقافية والفنية المرافقة له لا سيما مع وجود قاعتين للمحاضرات بدلاً من قاعة واحدة كما كان الحال سابقاً، فتنوعت الأنشطة لتشمل مجالات عديدة تتعلق بالأطفال والطلاب وعروض السينما وإقامة الندوات والمحاضرات وحفلات التكريم والتوقيع للإصدارات الجديدة. اختلفت تعليقات زائري المعرض بين المنبهرين بالمكان الجديد والمعترضين على طريقة التنظيم داخل المعرض، فالعديد من الوافدين الذين التقيناهم خلال جولاتنا أفصحوا عن ارتياحهم للمكان الجديد الذي جعل من المعرض أكثر فخامة ومنح الكتاب حقه الطبيعي بالعرض. وبدا واضحاً ارتياح بعض أصحاب دور النشر للموقع الجديد الذي أضفى على المكان اتساعاً وأناقة وحسن تنظيم حتى استقطب رواداً يكاد يضيق بهم المعرض على رحابته.

وقابل هذا الارتياح الذي أبداه هؤلاء مجموعة ملاحظات من قبل بعض الزائرين والمتابعين للمعرض، الذين اعتبروا أن توسيعه من ناحية المساحة والمشاركة كان يجب أن يقابله توسيع وتطوير من ناحية المضمون والتنظيم، فقد طالبوا بوجود كشاف موضوعي يساعد الزائر على الوصول إلى المعلومة بطريقة أسهل وأسرع. كما أكد البعض على ضرورة تأمين دليل للزائرين يتضمن خارطة تدل على كيفية تقسيم وتوزيع الأجنحة داخل المعرض. أما على صعيد رواد المعرض فقد كان من الملفت الإقبال الكبير من قبل مختلف الفئات العمرية ولا سيما الشباب على ارتياد أجنحته المختلفة التي تميز بعضها بإصدارات قيمة تعنى بالقضايا المعاصرة للمجتمع الإسلامي والتي اعتبرها المراقبون مؤشراً جيداً لحركة ثقافية متجددة تنبئ بالخير إلى حد ما.

وخلال الجولة على أجنحة المعرض كانت هذه الوقفات عند بعض الدور التي شهدت إصدارات متميزة لهذا العام. في وقت باتت فيه كتب الأبراج والطبخ والرشاقة هي الكتب الأكثر استهلاكاً. دار الهادي: الكتاب بألف خير "نحو فهم معاصر للاجتهاد"، "النص الديني والتراث الإسلامي"، "اشكاليات التجديد"... عناوين لموسوعة ضمن عشرة أجزاء تحت عنوان فلسفة الدين والكلام الجديد. هذه الموسوعة التي تناولت مفهوم الدين والإنسان والمعرفة كانت من أبرز إصدارات دار الهادي الجديدة التي عرضها في جناحه داخل معرض الكتاب هذا العام. وكعادته وفي كل عام يضمّن دار الهادي جناحه مجموعة منوعة من الإصدارات تحاكي التنوع الفكري والعمري لدى جمهور القراء، ومن أهم ما عرض هذه السنة إضافة إلى "موسوعة فلسفة الدين" "مجموعة الانتصار الخالد" للشيخ حسن فؤاد حمادة، و"أيديولوجيا الرفض والمقاومة" للسيد نجيب نور الدين. وفي حديث مع مندوب الدار في المعرض "حسين برق" أكد على ضرورة الاستفادة من المعرض من أجل توسيع دائرة المطالعة ونشر الثقافة وعدم تحويل الغرض الأساسي من المشاركة في المعرض إلى المتاجرة بالكتاب، مشيراً إلى أن دار الهادي يعمل على تطوير نشاطاته ومنها السعي إلى إنشاء مكتبة كبيرة تعزز أطر التواصل بين الدار وزواره مؤكداً على أن "إدارة دار الهادي تبدي اهتماماً كبيراً لجذب أجيال المستقبل حتى تبقى للكتاب أهميته في عصر تنوعت فيه أساليب المعرفة". من يزر جناح دار الهادي يشعر أنه نقطة ضوء تعيد إلينا التفاؤل بأن الكتاب ما زال بألف خير ويلحظ الإقبال الملفت الذي يشهده الجناح من مختلف الأعمار والطبقات والفئات على الكتب المتنوعة بين الأدب والسياسة والشعر والدين والفنون.

* جمعية المعارف: الثقافة الأصيلة للجميع‏
مجلة بقية اللَّه كانت حاضرة في معرض الكتاب هذا العام وذلك عبر الأعداد والمجلدات الكاملة والتي ضمت أعداد المجلة من العدد الأول إلى العدد 139 إضافة إلى الكشاف الموضوعي وهو عبارة عن كشاف وفهرس بالعناوين والمواضيع التي تناولتها المجلة منذ صدورها وهدفه تسهيل مهمة القارئ والمهتم بالاطلاع على مواضيع المجلة والوصول إلى المعلومة بسرعة ويسر. بقية اللَّه كانت ضمن جناح جمعية المعارف الإسلامية التي شاركت للمرة الأولى في معرض بيروت الدولي للكتاب وكان لمشاركتها هذه السنة إطلالة مميزة حيث شهد جناحها اقبالاً كثيفاً واهتماماً من مختلف الفئات الاجتماعية والثقافية والفكرية. وكان من أبرز ما عرضت الجمعية في جناحها. سلسلة الفقه الموضوعي وهي مجموعة من الكتب التي تتناول المواضيع الفقهية بأسلوب يتميز بسلاسة العبارة وسهولة التناول وتتميز السلسلة هذه بأنها تحتوي على صور توضيحية للأمور التي تتطلب ممارسة عملية. سلسلة كتب الدراسة: أعدت خصيصاً للدراسة وتتألف من أربع مراحل متدرجة من حيث الشمول وتعنى السلسلة بإرساء ثقافة إسلامية شاملة لدى دارسها حيث تحتوي على أهم ما يمكن أن يطلع الإنسان المسلم عليه بدءاً من العقيدة والفقه مروراً بسيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام ومادة الأخلاق، وصولاً إلى المراحل العليا من علوم القرآن والنحو والمنطق. سلسلة فكر الإمام الخميني قدس سره والإمام الخامنئي دام ظله وهي محاولة للتعريف بالفكر الإسلامي الأصيل والوصول إلى الأبعاد الروحية والاجتماعية التي تضمنتها الشريعة، وذلك من خلال خطابات الإمام الراحل روح اللَّه الموسوي الخميني وسماحة الإمام الخامنئي. كما تضمَّن جناح الجمعية في المعرض سلسلة الأدب المقاوم وهي سلسلة قصصية تتناول سيرة الشهداء والجرحى والأسرى وتحكي قصص الجهاد والصمود. وقد شهد جناح الجمعية توقيع للكتاب الشعري القمر الغريب للدكتور أمين الساحلي حيث تم عقد ندوة حول الكتاب وقراءة بعض النصوص منه.

* دار باحث: قضايا الأمة في القلب‏
باحث للدراسات مركز دراسات وأبحاث تأسس عام 2002 بمبادرة من مجموعة من المهتمين بقضايا الأمة وفي القلب منها قضية فلسطين. وللسنة الثانية على التوالي شارك مركز باحث في معرض بيروت الدولي للكتاب وعرض في جناحه عدداً من الإصدارات الجديدة والدراسات المعمقة المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي والتي كان أبرزها لهذا العام:

* أثر الانتفاضة على الكيان الصهيوني: وهو كتاب يحوي دراسات ومقالات لباحثين متخصصين سعوا كلاًّ في مجاله، إلى تحديد وتحليل الآثار المختلفة للانتفاضة المباركة على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في كيان العدو. تضمن الكتاب دراسات حول أثر الانتفاضة على الفكر السياسي "الإسرائيلي"، والمقاومة الفلسطينية كإستراتيجية عسكرية، وتأثيرات الانتفاضة على الواقع السياسي في المجتمع الصهيوني، وتأثير التداعيات الأمنية التي أوجدتها على اقتصاد وديموغرافية الكيان الصهيوني. أطفال فلسطين ... في العنصرية الصهيونية للكاتب إبراهيم أبو الهيجا. "العودة حق" للمحامية مي الخنساء وهو دراسة اجتماعية سياسية قانونية مفصلة لمقاضاة الصهاينة وفق القوانين والقرارات الدولية، ويعرض الجرائم التي تعرض لها الشعب الفلسطيني من عام 1948 حتى اليوم، وفي لقاء مع الكاتبة أثناء توقيع كتابها في الجناح عرّفت الكتاب بأنه دراسة تتعلق بقضايا الشعب الفلسطيني وقضية تهجيرهم وحقهم بالعودة إلى أرضهم من الشتات الذي دام طويلاً. مضيفة أنه يشمل دراسة للحالة الاجتماعية التي عاشها الفلسطينيون داخل المخيمات من عذاب واضطهاد جراء العنف الذي مارسه الصهاينة عليهم. وحول أهمية هذا الكتاب أكدت أنه "يثبت حق العودة للفلسطينيين بقوة القانون وليس بمجرد الكلام، كما ويسلط الضوء على الدور الأميركي لمساندة الجرائم والإرهاب في العالم"، وختمت كلامها بالتساؤل: "كيف يمكن أن نستغرب هذا النَفَس الذي تحمله قيادات تتخذ قراراتها في البيت الأبيض الذي أقيم على مقبرة جماعية ل300 جثة من الهنود الحمر"؟

* "فكر وفن": الريشة ترسم فكراً
"فكر وفن"، شعار لفنان من نوع آخر، فنان قرر أن ترسم الريشة فكراً وتمثل اللوحة فلسفة ومنهجاً لتتخطى متعة النظر وتخاطب العقل والقلب في آنٍ معاً. "قيمة كل امرئٍ ما يحسنه"، حكمة للإمام علي عليه السلام خطها الفنان علي عيسى وصدرها لتعنون جناحه المتميز في معرض الكتاب. جناح أراده أن يكون جامعة للفن والفكر ليعرض كيف تتحول الريشة واللوحة إلى كتاب فلسفة وفكر. لم يسمع علي عيسى ثناءاً من زائري المعرض ليس لأنه لا يستحق الثناء، إنما لأنه فقد سمعه في حادثٍ كان قد تعرض له منذ ست سنوات. "الفن إذا لم يكن هادفاً أعتبره عبثاً".. هكذا يبدأ علي عيسى كلامه خلال لقائنا معه، مؤكداً ضرورة أن تكون للفن رسالة إنسانية هادفة، فالفن هو وسيلة من الوسائل التثقيفية والتعليمية وليس غاية بحد ذاته، هو كتاب وصحيفة ومجلة بل إن أثره وأهميته يمكن أن يكونا أبلغ من أي وسيلة أخرى. يرى علي أن تطور أنماط أشكال العيش في العالم وما نراه من تغيرات جذرية في عصر ما يسمى بالعولمة يفرض علينا أن نلتفت إلى كل الوسائل التي تساهم في مجابهة هذا "العملاق الفكري" و"الجيش الجرار من الأفكار الفاسدة والمفسدة". ويضيف أنه في الوقت الذي يفتك بنا الغزو الثقافي والفكري من كل حدب وصوب، أصبحت الحاجة أكثر إلحاحاً إلى تطوير وسائل التعبير الخاصة بالثقافة الإسلامية، لذا فإنه يحاول تقديم اللوحة أو الكتاب الذي يعمل عليه بشكل يجذب ويحث الناس للاطلاع على محتواه وباللغات الحية. تتنوع المعروضات التي يقدمها علي عيسى في جناحه بين لوحات ومخطوطات تتضمن خطباً وحكماً للرسول وأهل البيت عليهم السلام إلى جانب الكتب التي يعتمد فيها فن التعتيق والتي تتضمن خطباً وأقوالاً وحكماً ومشاهد من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام.

إضافة إلى اللوحات المبدعة التي رسمتها ريشة علي عيسى والمخطوطات المختلفة الأحجام يتميز علي عيسى بإجادة تصميم الكتاب بشكل فني رائع ليعبر الغلاف عن المضمون ويدل عليه ويشدك بقوة إلى تقليب صفحاته ويبعث فيك الفضول إلى قراءة كلماته. هذا ما لاحظناه عند زائري جناح علي في المعرض خاصة من الأجانب الذين أبدوا إعجاباً كبيراً بفن علي وكتبه خاصة وأن كتبه بغالبها مترجمة إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية. عند زيارتك لجناحه في المعرض تدرك مباشرة أن للإمام علي عليه السلام حضوراً خاصاً ومميزاً في فكر وفن علي عيسى. "لا حضارة ولا مستقبل لهذه الأمة إلا بالعودة إلى فكر الإمام علي عليه السلام" يقولها علي وفي قلبه غصة تبدو واضحة من خلال حديثه فهو يأسف وباستمرار لأن كتاب نهج البلاغة ووصايا أمير المؤمنين عليه السلام باتت مهجورة ثقافياً وفنياً ويعلل علي هذا الهجران بأن الناس أصبحت بعيدة كل البعد عن المطالعة، هذا ما يجعله يعمل بمختلف الطرق على جذب انتباه الناس ليقتنوا مخطوطة أثرية من خطب الإمام عليه السلام أو كتاباً فنياً يحوي حكماً ووصايا من تراث أهل البيت عليهم السلام. أما فيما يخص مشاريعه المستقبلية فقد أخبرنا أنه يحضر لمعرض ضخم يحمل عنوان "نهج البلاغة فكر وفن" وهو بمثابة متحف خاص بالإمام علي عليه السلام ليكون الأول من نوعه في العالم بأسره.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع