مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

اعرف عدوك‏: من رحاب إلى شمشون(*)..القنبلة النووية الإسرائيلية

حسن زعرور

 



يقول مَثَل يهودي "إكذب ثم إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الآخرون" وهو مثل أثبت فعاليته على مدى قرون، فالكذبة الثانية تصرف الأنظار عن الأولى، وتأتي الثالثة والرابعة لتشتيت العقل، وأما الخامسة والسادسة فتدخله إلى متاهات جديدة. وأكثر من ينطبق على أدائهم المثل المذكور الإدارة الأميركية وقيادة العدو الصهيوني، الأولى تروج المثاليات خدمة لأهدافها مع أنها تُكذب حتى على شعبها(1)، والثانية تستغل الآخرين بالخداع والدهاء لتحقيق غاياتها.

* دروس وعبر
عندما كُلف العالم جيمس كونران إعداد دراسة عن "أساليب الحماية الذرية للمصانع الأميركية" من قبل "لجنة التنظيم الذري الأميركي" الحكومية، مُنح صلاحيات واسعة للاطلاع على الملفات المصنفة سرية لإتمام مهمته. خلال عمله اطلع على معظم الملفات باستثناء ملف واحد يعود لمؤسسة "ابولو" للمعدات والمواد الذرية. وتحت إلحاحه ومساندة رؤسائه له أمدّه جهازا المخابرات الأميركية "سي آي إي" و"إف بي آي" بخلاصة تشير إلى "أن مؤسسة أبولو وفرت يورانيوم مخصّب لصنع قنابل لبرنامج أسلحة إسرائيل النووية منذ مطلع الستينات". حمل كونران الخلاصة إلى الرئيس السابق للإستخبارات شارلس برينان لمعرفة التفاصيل وأبلغه برينان "أن معظم الرؤساء والقادة الأميركيين على اطلاع على الموضوع" وحذّره من أن "ريتشارد هلمز" رئيس جهاز المخابرات لعام 1968 تطرق مرة للموضوع أمام الرئيس جونسون، معرباً عن قلقه من امتلاك "إسرائيل" لأسلحة نووية فعنَّفه الرئيس، وطلب منه عدم إبلاغ وزير الدفاع روبرت مكنمارا، ووزير الخارجية دين راسل بما لديه من معلومات(2). أدى تحرك كونران حول الموضوع الإسرائيلي إلى لفت النظر إليه، وسرعان ما طرد من منصبه واتهم بإساءة الأمانة وعوقب(3). وفي شهر شباط من العام 1976 أقامت المخابرات المركزية الأميركية حفلها السنوي لاعضائها ولزعماء وفعاليات سياسية، وتحت تأثير الشراب تبجح العالم الأميركي كاريل داكيت بأن "إسرائيل تمتلك عشرين قنبلة نووية جاهزة للتفجير بمساعدة أميركية". جن جنون رئيس جهاز المخابرات يومذاك جورج بوش وعاقب داكيت على زلة لسانه(4).

* الخداع والتضليل‏
إبان الحرب العالمية الثانية وما بعدها كان الكثير من العلماء النوويين العاملين في أميركا وفرنسا من اليهود، وكان ديغول يسعى لإدخال فرنسا إلى النادي النووي فأقام تعاوناً مع العلماء اليهود العاملين في أميركا بهدف "إستغلال الاختراق الإسرائيلي للصناعة النووية الأميركية"(5) ورغم نفيه المتكرر ونفي إعلامه لأي علاقة مع "الإسرائيليين" بهذا الشأن يومها فإن من الثابت "الآن" أن فرنسا زودت إسرائيل عام 1960 بمفاعل نووي طاقته 26 ميغاواط، في عملية سريّة أطلق عليها اسم "لافوازييه"(6)، ووضع المفاعل في ديمونا (النقب) تحت اسم "ماخون 2" بينما أشيع أن فرنسا قدمت لإسرائيل معمل نسيج خدمة إنسانية للشعب "الإسرائيلي"؟! في نفس الفترة تقريباً، أرسلت الولايات المتحدة بأمر من "ايزنهاور" مفاعلاً نووياً جاهزاً للعمل تم وضعه في "شورك"(7) قرب "تل أبيب"، وأرسلت معه إثنتي عشرة قنبلة نووية صالحة للاستعمال كمساعدة "لإسرائيل" بموجب قانون أميركي تم سنّه للتغطية تحت اسم "الذرة من أجل السلام" وقامت "إسرائيل" ببيع إثنتين منها للهند واثنتين لجنوب أفريقيا(8)، بسبب إفتقارها للمال اللازم لإيواء المهاجرين اليهود من الكتلة الشرقية (الاتحاد السوفييتي) الذين سمح لهم بالهجرة عقب قيام العلماء اليهود في أميركا بسرقة المعلومات النووية الأميركية وتزويد روسيا بها، عن طريق العالم اليهودي اينشتاين، ورئيس منشآت "لوس الاموس" النووية الأميركية العالم اليهودي "روبرت أوبنهايمر" وشقيقه، ومجموعة أخرى من العلماء اليهود في أميركا(9).

عام 1963 انتهى العمل في بناء المفاعل في ديمونا، وتألف من ست طبقات تحت الأرض، ولم يسأل العالم فرنسا عن معمل النسيج ولا أميركا عن الذرة مقابل السلام، لأن إسرائيل شغلت العالم بأكذوبة جديدة هي حرية الملاحة في قناة السويس واغلاق مضائق تيران ومن ثم حرب 1967 ونسي العالم.

* حقائق فات أوانها
في تموز 1977 كشف عضو الكونغرس الأميركي "موريس أودال" رئيس اللجنة الداخلية في مجلس الشيوخ الأميركي أن إسرائيل تلقت 206 باوند من اليورانيوم المخصّب من أميركا، كما أن شركة ابولو نقلت إليها باشراف ومعرفة المخابرات المركزية الأميركية 572 باوند عام 1967 و366 باوند نقلت عن طريق معمل نيومك في بتسبرغ وكمية لم يعرف حجمها حتى اليوم أشيع أنها وقعت في نهر كيسكي(10)؟! كان كل الرؤساء الأميركيين على اطلاع عما يجري، حتى أن كيسنجر أعرب عن سعادته لأن "إسرائيل" تبني أسلحتها النووية ولو عن طريق سرقتها من بنسلفانيا (أميركا) فالأمر مقبول لنا(11) وكذلك قامت النروج ببيع "إسرائيل" عشرين طناً من الماء الثقيل لتشغيل معمل ديمونا(12)، ويقول العالم النووي ثيودور تايلور أن ذلك سمح للدولة العبرية بتصنيع "التريتيوم" و"الديتيريوم" من الليثيوم 6 المستعمل في صنع القنبلة النووية(13). في 21 آذار 1968 سرقت الدولة العبرية السفينة "سيرج بيرج إي" المرسلة من أميركا إلى بلجيكا ونقلت حمولتها إلى حيفا وعلى متنها 200 كلغ من اليورانيوم المشع يو 235 في عملية سميت "بلومبات"(14)، وظلت أميركا والعالم على صمتهما حتى اليوم؟! كان سلمان مردخاي شابيرو ابن أحد أحبار اليهود الأرثوذكس عالماً نووياً أشرف على تركيب الأسلحة النووية في الغواصات الأميركية، أسس شابيرو شركة نومك في ابولو بنسلفانيا تولت تصنيع اليورانيوم العالي النقاء الذي يكفي 11 كلغ منه لصنع القنبلة النووية(15)، وتولت طائرات العال الإسرائيلية نقل الحمولة إلى دولة العدو بإشراف المخابرات المركزية الأميركية(16) وبمعدل 22 كلغ للرحلة الواحدة. عقب تركيب المفاعل النووي الذي أرسلته الولايات المتحدة عام 1960 في "ناحال سوريك" تم ارسال 6,5 كلغ من الوقود النووي "كهبة أميركية"(17).

* الغاية والوسيلة
في خطاب له عام 1965 في جامعة هوبكنز، قال الرئيس الأميركي جونسون "إن هدف أميركا في فيتنام أن ترى شعباً مستقلاً آمناً من كل اعتداء، حراً في تقرير مصيره"(18)، وصفق العالم والشعب الأميركي للمثاليات الأميركية، مثاليات أدت لمقتل مليون فيتنامي وشردت الملايين. إن معظم الحروب التي تجري في العالم وملايين القتلى يسقطون في ظلّ الشعارات وبسببها تارة تحت اسم الحرية وطوراً تحت أسماء شتى، ومتى كانت الحرية تفرض بالقوة؟ والمشكلة أن بعض الشعوب تتقبل الأكاذيب المغلّفة وتتبناها لا بل تغض الطرف عن جرائمها من مثال ما يفعله كيان العدو الإسرائيلي بالفلسطينيين، وتسلّحه بقنابل تكفي لتدمير العالم كله، تحت حجة أن إسرائيل هي الخط الدفاعي الأول ضد الإرهاب الإسلامي. وقبل هذه المقولة كانت الأكذوبة أن "إسرائيل" هي الخط الأول الدفاعي للغرب أمام الشيوعية علماً أن قادة العالم كله يعرفون ويمتلكون معلومات تثبت أن من زود الروس بالتقنية النووية هي "إسرائيل" ورغم ذلك أخفوا عن شعوبهم هذه الحقيقة لأنها لا تتناسب مع مصالحهم كما فعل كارتر عام 1979 عندما منع التحقيق في التفجير النووي الذي قامت به "إسرائيل" وجنوب أفريقيا أو نشر معلومات عنه(19).

في السابق استغلت "إسرائيل" حاجة فرنسا وبريطانيا لقاعدة متقدمة في الشرق وحققت مصالحها من خلالهم، واليوم تتحول إلى قاعدة عسكرية وتكنولوجية "عبر الشاطئ" (أوفيشور)(20) للولايات المتحدة ومصالحها وتستغل التعاطف الشعبي الأميركي والتقاء المصالح للقادة الأميركيين لخدمة أهدافها في"تواطؤ مشترك بين الدولتين"(21)، يبدأ من التفاهم على الخطوات العسكرية بما في ذلك المواجهة مع الفلسطينيين وصولاً إلى السيطرة على العالم العربي. إن تمليك "إسرائيل" أسلحة نووية من قبل أميركا والغرب هو عصا غليظة لإرهاب العرب ودفعهم نحو الأحضان الأميركية كخيار رعب أميركي وهو ما نلحظه في التكريرات الإعلامية كل فترة عن "الضربة الوقائية النووية الإسرائيلية"(22)، وعن الوصول إلى شفق الحرب مع روسيا عام 1973 عندما حركت "إسرائيل" صواريخها النووية أريحا التي يصل مداها إلى موسكو(23).

وهو خيار رعب "إسرائيلي" تبتز به الدولة العبرية الغرب وأميركا كما حصل في الجسر الجوي الأميركي بعد هزيمتها في يوم الغفران، إن امتلاك طرف ثالث للسلاح النووي في الشرق يخل بالسيطرة الأميركية الإسرائيلية النووية ويقلب المعادلات ويهدم الإستراتيجية القائمة وينقلها من مرحلة الخضوع والخشية إلى مرحلة القوة والمواجهة مع أميركا وإسرائيل، وبالتالي فليس من المسموح به امتلاك طرف آخر مثل هذا السلاح لخلق توازن رعب جديد، وعليه تستغل أميركا وربيبتها "إسرائيل" المثاليات البراقة عن الحرية والعدالة إلى جانب الترويج للإدعاءات عن الإرهاب الإسلامي، يقول جورج دبليو بوش بعد انتصاره "أنا مندهش لقد ربحت، كنت أسير عكس السلام والمسؤولية ومع ذلك ربحت"(24) لماذا اندهش بوش يا ترى؟!
 


(*) رحاب: زانية ساعدت اليهود على احتلال أريحا
(*) شمشون: اسم الخيار النووي الإسرائيلي.
(1) بقلم بول كروغمان، جريدة نيويورك تايمز تشرين أول 2004.
(2) ايريش فولات، كتاب عين داود، ص‏90.
(3) اندرو كوكبيرن، كتاب علاقات خطرة، ص‏68.
(4) ايريش فولات، كتاب عين داود، ص‏90.
(5) اندرو كوكبيرن، كتاب علاقات خطرة، ص‏80.
(6) جاك بينودي، كتاب تساحال، ص‏110.
(7) الكاتب اربيلا هوفمان، مقالة الجانب المضاء من الذرّة، صحيفة يديعوت أحرونوت 2004 - 5 - 28.
(8) جاك تايلور، كتاب أوراق الموساد، ص‏147.
(9) فرانك ل. بريتون، كتاب الصهيونية والشيوعية، ص‏143.
(10) اندرو كوكبيرن، كتاب علاقات خطرة، ص‏75.
(11) المصدر السابق، ص‏71.
(12) جون فيالكا، صحيفة وول ستريت جورنال عدد 1986- 11-10.
(13) صحيفة صنداي تايمز، أيلول 1986.
(14) ايريش فولات، كتاب عين داود، ص‏110.
(15) المصدر السابق، ص‏99.
(16) السيناتور بول فندلي، كتاب الخداع، ص‏157 155.
(17) كتاب تساحال، ص‏110.
(18) جورج تانهام، كتاب حرب بغير بنادق، ص‏12.
(19) ستيفن غرين، كتاب مساومات مع الشيطان، ص‏156.
(20) نعوم تشومسكي، كتاب الهيمنة أم البقاء، ص‏188.
(21) ستيفن غرين، كتاب مساومات مع الشيطان، ص‏157.
(22) غريس هالسلي، كتاب يد اللَّه، ص‏92.
(23) ستيفن غرين، كتاب بالسيف، ص‏126.
(24) مايكل مور، كتاب رجال بيض أغبياء.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع