الشيخ حسين زين الدين
عندما تحيط المخاطر بحياة الإنسان يلوذ بأكثر الأماكن أمناً ليقي نفسه ويحافظ على سلامتها. وعندما ينتشر الوباء في مجتمعٍ ما يسعى المعرَّضون للإصابة بالمرض إلى الوقاية منها بشتى السبل والأساليب. وإنّ أخطر أنواع الأمراض ما لا يلحق بصاحبه الألم، فيتغلغل الداء ويسري حتى يفتك بكل أجهزة المناعة ولا يكتشف إلا بعد فوات الأوان.
ولأن الإنسان خلق من عجل فإنه يستعجل الراحة والدعة ويركن إلى ما تميل إليه نفسه ويغفل عن العاقبة ويتلهى بالفاني عن الباقي. وإذا سألتك أيها الحبيب لماذا؟ أجبتني بثقة وقاطعية: إنها تسويلات الشيطان وتزيينات النفس الأمارة بالسوء! بل هي الغفلة عن قيمة الهدية المودعة فينا والجوهرة التي استؤمنا على حفظها، وهي الروح!. لقد منّ اللَّه علينا بهذه الوديعة وجعلها سبيلاً للعروج إليه وأسكن أنسها في ذكره وشفاءَها في عبادته، فكان بيتُه مأمنها وموطنها وحصنها الذي تتقي به شرَّ الظلمة المحيطة بعالمنا. المسجد بيت اللَّه عزَّ وجلَّ وزائره ضيفه وحقيقٌ بالمضيف إكرام ضيفه.
فيا أيها المهاجر بحثيث الخطى إلى ربه والمسافر على أجنحة الأيام المتصرّمة، فلتكن هجرتك إلى بيت الوصال حيث اجتماع القلوب في جماعة الصلاة، ونل هناك فخر الرباط في متاريس جند الرحمن. هناك تشفى وتبرأ بل تتقي حتى أكثر الأوبئة فتكاً . هناك تسترجع سرّ الحياة وتحضّر نفسك للبقاء مع الركب السالك بصمت، وتستشعر معهم حلاوة ذكر اللَّه، هناك لن تروم عنه بدلاً.