مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آداب ومستحبات‏: بناء منازل يباركها اللَّه‏

السيد سامي خضرا

 



انتشرت في المدة الأخيرة في مجتمعنا ظاهرة إنشاء الأبنية الفخمة، المبالَغِ في تزيينها وتنميقها مع ما يستلزم ذلك من إنفاق الأموال الكثيرة، دون حاجة إليها. والسبب الأساس لذلك، التفاخر على الآخرين، والتسابق معهم ابتغاء السُّمعة والوجاهة، وهذه الظاهرة بعيدة عن جوهر الإسلام وسياسته العامة التي تدعو إلى:
أ- عدم التعلُّق بأمور الدنيا، والأخذ منها فوق الحاجة الفعلية، باعتبارها دار ممر وليست دار مقر.
ب- عدم حبِّ الشُّهرة والتعالي والتفاخر على الآخرين لأن ذلك من المنكرات.


لذا:
1- وإن كانت تُستحب الدار الوسيعة التي يُستضاف فيها الإخوان والأحباب، إلا أن هناك فرقاً بين سعة المنزل من جهة، واتخاذه للتجبر والتفاخر من جهة أخرى. ففي الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "ومَنْ بنى بُنياناً رياءً وسُمْعة، حمله اللَّه يوم القيامة من الأرض السابعة، وهو نارٌ يشتعل منه، ثم يُطوَّق في عنقه، ويُلقى في النار، فلا يحبِسُهُ شي‏ء منها دون قعرها، إلا أن يتوب". قيل: يا رسول اللَّه كيف يبني رياءً وسُمْعةً؟! فقال صلى الله عليه وآله: "يبني فضلاً على ما يكفيه (أي زيادةً على ما يكفيه) استطالةً به على جيرانه، ومباهاةً لإخوانه"(1).

2- يُكره وقد يحرم البناء الذي لا يُحتاج إليه، كمن كان احتياجه لأربع غرف فبنى ستاً، أو لطابق فبنى طابقين، وعطَّل الزائد فلم يستعمله ولم يأذن لمسلم باستعماله. رُوي عن الصادق عليه السلام قال: "كلُّ بناء ليس بكفاف، فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامة"(2). وعنه عليه السلام: "مَنْ بنى فوق ما يسكُنُه، كُلِّف حملَه يوم القيامة"(3).

3- تُستحب الوليمة لِمَنْ بنى مسكناً، فيذبح كبشاً سميناً، ويُطعم لحمه المساكين. رُوي عن سيدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "مَنْ بنى مسكناً، فذبح كِبشاً سميناً، وأطعم لحمه المساكين، ثم قال: اللهم ادحر عني مَرَدَة الجن والإنس والشياطين، وبارِكْ لي في بنائي، أُعطي ما سأل"(4).

4- كتابة "بسم اللَّه" على الباب الخارجي، فقد روى الكفعمي في كتاب "مفاتيح الغيب" أنَّه: "مَنْ كتب لفظة "بسم اللَّه" على بابه الخارج، أَمِنَ من الهلاك".

5- كتابة "آية الكرسي"، وهي الآية 255 من سورة البقرة المباركة، وذلك لِمَنْ بنى داراً ورفعها فوق ثمانية أذرع. روى أبو خديجة، قال: رأيت مكتوباً، في بيت أبي عبد اللَّه عليه السلام، آية الكرسي، قد أُديرت بالبيت، ورأيت في قِبْلةِ مسجده مصلَّى منزله مكتوباً آية الكرسي"(5).

6- يُستحب بناءُ حائط على السطح من جوانبه الأربعة، ومن دون ذلك، يُكره المبيت عليه. فقد نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله أن يُبات على سطح غير محجَّر(6). ولمَّا سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن النوم على السطح المبني من جهاتٍ ثلاث فقط، قال: "لا، إلا الأربعة".

7- أن لا يقل الحائط عن ذراع وشبر(7) كما رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام، ولا بأس بالذراعين كما في نصوص أخرى.

8- يُكره أن يزيد بناء المنزل أكثر من ثمانية أذرع (5،30 متر)، فهو عندئذ دليلُ تكبُّر واستعلاء كما نُلاحظ في قصور الجبابرة والسلاطين. أما الارتفاع المستحب فهو الأفضل صحياً ونفسياً ومناخياً، في الفصول المختلفة وهو ما يمكن ملاحظته في البيوت القديمة في بلادنا قبل أن تدخل العقلية التجارية الغربية التي ترفع البيوت التي نسكنها الآن في المدن، كحد أقصى ثلاثة أمتار، وربَّما أقل. وإذا "رُفع السقف فوق ثمانية أذرع فهو مسكون" أي مسكون من الجن أو الشياطين التي تسكن الهواء، وليس في السماء أو الأرض كما عن الإمام الصادق عليه السلام. وعنه عليه السلام فيمن رفع بناءه استعلاء وتكبراً، قال: "إنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ، وكَّل مَلَكاً بالبناء، يقول لمن رفع سقفاً فوق ثمانية أذرع: أين تريد يا فاسق"(8).

9- مَنْ سكن بناء عالياً أو مُشْرفاً فلا ينظرنَّ إلى دار جاره، وهو ما نهى عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "من النظر في الدور".


 (1) وسائل الشيعة، ج‏3، ص‏588، ح‏4.
(2) المصدر نفسه، ح‏1.
(3) المصدر نفسه، ح‏3.
(4) المصدر نفسه، ص‏591، ح‏1.
(5) وسائل الشيعة، ج‏3، ص‏567، ح‏4.
(6) المصدر نفسه، ح‏2.
(7) قُدِّر الذراع بثلثي المتر (66 سنتم) والشبر بعشرين سنتم تقريباً.
(8) وسائل الشيعة، ج‏3، ص‏565، ح‏2.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع