عبد الحليم حمود
* التاريخ والسياسة في المسرح
يعود تاريخ مسرح العرائس إلى عصر الإغريق والرومان ثم إلى العصور الوسطى حيث جرى تجسيد قصص الإنجيل لفهمه من قبل الأميين. وخلال عصر النهضة قام عدد من الرحَّالة الإيطاليين بتقديم عروض فنية للدمى والعرائس وكانت أكثر تعقيداً من سابقتها وذات أنماط مميزة وكانت هذه العروض تقدم في المسارح المفتوحة والمقامة في الساحات العامة، وبهذه الطريقة فإن العرائس والدمى كانت تقدم لكل الدول الأوروبية بواسطة أولئك الرحَّالة الذين كرسوا جل وقتهم لإقامة مثل هذه العروض وقد لاقوا نجاحاً وتشجيعاً بحيث قامت بعض الدول بتبنيهم واحتكار نشاطاتهم بعد أن طغى هذا النوع من العروض على الأنشطة المشابهة في ذلك الوقت. في القرن الثامن عشر ظهر شكل وأسلوب حديث من هذا المسرح الفلكلوري الترويحي، ومع تزايد شعبيته ظهرت الأوبرا الخاصة بالدمى والعرائس، مما أحدث ضجة وصيحة جديدة في عالم الفن كما تم استغلال شعبية هذا الفن لتدخل السياسة طرفاً على الخط نظراً لتأثيرها الكبير بالرأي العام، وهو أمر أيقنته مجموعة من المفكرين في فرنسا فعملوا على إنشاء عدد من مسارح العرائس بهدف تكثيف مثل هذه العروض وتشجيعها واستغلالها سياسياً واجتماعياً. أما في بلاد الشام فقد نشط "الكراكوز" المتنقل بين الشوارع والأزقة منذ القرن الثامن عشر، وكان أيضاً يستبطن بعض التلميحات السياسية في تلك الفترة خلال الحكم العثماني. وهنا لا بد من الإشارة إلى القاسم المشترك بين مسرح الدمى وفن الكاريكاتور حيث السخرية البريئة في الظاهر، والوخز القاسي في الباطن، كما يجمعهما التبسيط والاختزال المتوائمان مع السياسة.
* ميكي ماوس والعولمة
قبل أكثر من سبعين عاماً في مدينة نيويورك ركب شاب القطار المتوجه غرباً وهو في حال متوترة. لقد سافر والت ديزني شرقاً للتفاوض في شأن توزيع أفضل لرسومه المتحركة التي كان بطلها الأرنب "أوزولد" لكنه فوجئ بأن موزع أفلامه يملك جميع الحقوق، وأنه وقَّع عقوداً مع رسامي ديزني الرئيسيين. عندئذ أعلن والت لزوجته ليلي متحدياً أنه سيبتكر شخصية جديدة. وفيما انطلق القطار بدأ يرسم على أوراقه. أثناء الرحلة بين تولوكا في ولاية ايلينوي ولاهونتا في ولاية كولورادو تذكر والت فأر حقل جلس مرة على طاولة الرسم لديه عندما كان في بداية انطلاقته في مدينة كنساس، فقرر أن يجعل الفأر شخصية، وأن يسميه "مورتيمر ماوس" لكن زوجته اعترضت قائلة: "أن مورتيمر اسم فظيع لفأر". فسألها والت: "إذاً ما رأيك في ميكي؟ إن لاسم ميكي ماوس صدى جميلاً ولطيفاً". أصبح الفأر الصغير ذو الابتسامة الخجولة والتفاؤل القوي والعزم الذي لا يقهر رمز فرح للملايين في أنحاء العالم. واليوم يتصدر ميكي ماوس امبراطورية تسلية عالمية تمتد من "ديزني لاند" في كاليفورنيا إلى "عالم والت ديزني" في فلوريدا ومن "ديزني لاند" في طوكيو إلى "ديزني لاند" الأوروبية، لكن ومنذ بضعة سنوات أصبح رمزاً من رموز العولمة حيث يشكل إلى جانب دمى أخرى مثل باربي، مثلاً عملياً على الغزو الثقافي المحمَّل بالأفكار المبطنة والتي تدخل إلى لا وعي الأطفال لتكريس مفاهيم لا تمت بصلة إلى تاريخنا وحاضرنا.
* غاي أولنتي مهندسة من طراز نادر
نشأت غاي أولنتي في بلدة بييلا في شمال إيطاليا حيث كان والدها يعمل مستشاراً في إدارة الأعمال. وتتذكر: "كان أهلي يريدونني حقاً أن أكون فتاة مجتمع لطيفة. لكنني كنت متمردة فالتحقت بمدرسة للفن المعماري"، وفي سن الخامسة والعشرين تخرجت أولنتي في مدرسة ميلانو للهندسة المعمارية حيث كانت واحدة من الإناث القلائل في الصف وفي العام 1957 عملت في مجلة "كازابيلا" وهي مجلة طليعية عن الفن المعماري حيث بقيت في قسم التحرير قرابة عشر سنين. بدأت أولنتي عملها في أواسط الستينات عندما كانت ميلانو مركزاً للتصاميم الخلاقة. وكانت واحدة من مصممات الأثاث المختارات في إيطاليا. كما أنها أوجدت تصاميم لمسارح دور الأوبرا الكبرى في أوروبا. تعمل أولنتي في برشلونة التي عرفت منذ القدم بدعمها للفن المعماري المتطور لكن أولنتي ستكون المهندسة المعمارية الأنثى الأولى التي تترك أثراً في المدينة وعن الجدل حولها يقول جيوفاني انييلي: "كانت أولنتي ستواجه رد الفعل ذاته والحسد ذاته من زملائها لو كانت رجلاً. لقد أثارت حولها جدلاً لأنها ناجحة جداً وهذه هي مشكلتها الكبرى حالياً".