في سياق الاحتجاج على القرار الفرنسي حول منع الحجاب قامت الهيئات النسائية في حزب اللّه بتحركات وأنشطة ضمت أصواتاً نسائية مختلفة أجمعت على التنديد بالقرار الفرنسي وتأييد حق المسلمات في فرنسا بارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية ومطالبة فرنسا بالعودة عن هذا القرار الذي يتعارض مع أسس الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية التي تتغنى بها.
* لقاء تشاوري: كلمات وتوصيات
أبرز التحركات التي نظمتها الهيئات النسائية كان لقاءً تشاورياً ضم مجموعة من ممثلات الأحزاب والجمعيات والهيئات والمؤسسات الإنسانية النسائية وتخللته كلمات عديدة حيث ألقت المهندسة ريما فخري كلمة الهيئات النسائية في حزب اللّه، أكدت فيها على أن الحجاب واجب ديني بالنسبة للمرأة المسلمة لا يجوز المساومة عليه والتنازل عنه، وهو ليس مدعاة للعدوانية وإثارة الحساسية، واعتبرت أن القرار الفرنسي القاضي بمنع الحجاب: "مشكلة كبيرة بحق الحرية وحقوق الإنسان وخاصة المرأة وهذه الحريات كلها انطلقت من المجتمع الفرنسي ولطالما دعت فرنسا العالم للإقتداء بها". وشددت ممثلة الهيئة النسائية في حركة حماس في كلمتها على أن الحجاب هو فريضة قائلة: "لا يجوز المساواة بين الفريضة والشعار أو اعتبار اللباس عمل إرهابي". وتضمنت كلمة ممثلة الجماعة الإسلامية استنكار القرار ومطالبة الرئيس الفرنسي بالرجوع عن خطئه. أما رئيسة جمعية التكافل الاجتماعي السيدة عفاف الحكيم فقد أشارت في كلمتها إلى : "خطورة القرار وما يحمله من أبعاد" ودعت القيمين على هذا القرار في فرنسا للالتفات إلى ما سيحمله من آثار وتبعات ووجهت دعوة إلى كل نساء العالم للتمسك بحقهن وعدم التنازل عنه. وكان هناك أيضاً كلمة للطالبات تم فيها التأكيد على أن حرية الحجاب لا تتعارض مع الطروحات العلمانية. وكذلك اعتبرت ممثلة رابطة بيت المقدس في فلسطين أن موضوع الحرية وحقوق الإنسان وخاصة حرية الدين والمعتقد أمر ليس بحاجة لإذن أو قرار.
وفي الختام تُلي البيان الختامي الذي تضمن التوصيات التالية:
1- اعتبار المس بالحرية الدينية هو مسّ بحقوق الإنسان وحريته بالتعبير عن نمط الحياة الذي يختاره ويرتضيه وهو يؤسس لأسلوب جديد في التعاطي مع المسائل الدينية والتزامها.
2- التنديد بالقرار الفرنسي بمنع الحجاب لأنه يتعارض مع الحرية الفردية وحرية المعتقد والذي يشكّل سابقة خطيرة في النظام الفرنسي الذي يدعو إلى الديمقراطية والحرية.
3- التأكيد على أن الحجاب هو فريضة إلهية وليس مجرد شعار يعود للفرد حرية إبرازه أو عدمه.
4- دعوة كلّ المقامات الروحية والمؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان وحقوق المرأة للوقوف بوجه هذا القرار والتنديد به والدعوة للتراجع عنه.
5- اعتبار ما حصل في فرنسا إساءة لروح الديمقراطية والحرية الأوروبية قبل أن يشكّل إساءة لكل مشاعر المسلمين والأمة الإسلامية.
6- انتداب لجنة منبثقة عن اللقاء لمتابعة التحرك وتقديم مذكرة صادرة عنه إلى السفير الفرنسي في لبنان تطالب الرئيس شيراك بالعودة عن هذا القرار والسماح للطالبات المحجبات في فرنسا بمتابعة دراستهنّ في المدارس والجامعات وللعاملات بمزاولة أعمالهنّ في المؤسسات والمراكز الحكومية.
7- التحرك والاتصال بالهيئات الأهلية والجمعيات الفرنسية والأوروبية العاملة في مجالات حقوق الإنسان وحريات الرأي والمعتقد لمتابعة الموضوع على أعلى المستويات.
8- الاتصال والتشاور مع ممثلي الجاليات المسلمة في فرنسا وأوروبا لاختيار منهج التحرك والعمل لمواجهة هذا القرار.
* المسيرة النسائية الحاشدة:
انطلقت المسيرة التي دعت إليها الهيئات النسائية والتعبئة التربوية في حزب اللّه من قرب مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية إلى السفارة الفرنسية، وقد ضمت طالبات من المدارس والجامعات المختلفة إضافة إلى حشد نسائي عام من السيدات والعاملات، وقد رفعت فيها مجموعة من الشعارات التي اعتبرت أن منع الحجاب وحرمان الطالبات من التعلم، أحدث ابتكارات العلمانية وأن الحجاب اختبار للحرية في فرنسا إضافة إلى شعارات مؤيدة للحجاب. إضافة إلى ذلك فقد ألقيت خلال المسيرة كلمتان الأولى لإحدى الطالبات باللغة الفرنسية وأخرى باللغة العربية، قدمت بعدها مذكرة إلى السفير الفرنسي في نهاية المسيرة. واعتبرت الكلمتان أن قرار منع الحجاب خطأ تاريخي بكل ما للكملة من معنى، وأنه يمثّل إساءة لملايين المسلمين والمدافعين عن الحريات المدنية والدينية في العالم، وأن عدم تقبل مظهر الحجاب ووصفه بالعدوانية ما هو إلا عجز عن استيعاب تعبيرات الهوية الدينية للجماعات على اختلافها وأكدت على الأمور التالية: إنّ الحجاب هو فريضة دينية وواجب ديني كما الصلاة والصيام تماماً وليس رمزاً دينياً يمكن المساومة عليه والتنازل عنه مراعاة لظروف أو مجاراة الواقع. إنّ الحجاب لا يشكّل أية إساءة للقوانين الفرنسية ولا يدعو إلى العدوانية أو الإرهاب، بل إن التعدّي على حقوق الآخرين وعلى حرياتهم ومنعهم من ممارسة عباداتهم هو الاعتداء بنفسه والإرهاب بعينه.
إن ما أقدمت عليه فرنسا هو مدان من كل الشرائع السماوية والقوانين الداعية إلى الحرية الفردية وحرية المعتقد والحامية لحقوق الإنسان والمرأة على وجه الخصوص وبالتالي هو مدان من قبل القوانين الفرنسية نفسها. دعوة منظمة الأمم المتحدة الراعية لسياسات هذا العالم إلى الضغط على فرنسا للتراجع عن قرارها الذي لا يخدم مصالحها وعلاقاتها مع العالمين العربي والإسلامي وفي علاقاتها مع المسلمين على أرضها. مطالبة جميع المنظمات الإنسانية وجمعيات حقوق الإنسان وحقوق المرأة أن تكون منسجمة مع شعاراتها وأهدافها الداعية إلى حرية الأفراد وتتضامن مع حرية الحجاب في فرنسا. مطالبة الحكومات والأنظمة العربية والإسلامية أن تتكاتف بوجه هذه الحملة الجديدة ضد الإسلام والمسلمين، وتتحرك لمواجهة هذا القرار الذي يؤسس لمزيد من القرارات على غرار القرار الفرنسي من قبل دول أوروبية أخرى ممكن أن تحذو حذو فرنسا. مطالبة كل الرموز الدينية ورؤساء الطوائف والمذاهب في التصدي لهذا الأمر بكل الوسائل المتاحة للتراجع عن هذا القرار الظالم.