فيصل الأشمر
حفل الشعر العربي عبر عصوره المتعاقبة بالكثير من القصائد التي كان محورها شهر رمضان المبارك وما فيه من خير وبركات ومن قربٍ إلى الباري تعالى.
يقول الشاعر الغشري مرحباً بقدوم هذا الشهر الكريم:
خير شهرٍ وسيِّد الأعوامِ |
مرحباً مرحباً بشهر الصيام |
جامعٌ شملَنا وخيرُ نظامِ |
مرحباً مرحباً وأهلاً وسهلاً |
زارَ غِبّاً بكل حَوْلٍ وعام |
مرحباً زارَنَا بغيرِ اختلافٍ |
زارَنَا مُسْرعاً كطيفِ منامِ |
طابَ شهراً بغيرِ عيبٍ سوى أن |
ويقول إبن الصباغ الجذامي حاثاً الناس على اغتنام هذا الشهر الفضيل:
بالأفق بان فلا تكن بالواني |
هذا هلال الصوم من رمضان |
واجعل قراه قراءة القرآنِ |
وافاك ضيفاً فالتزم تعظيمه |
بهمول وابل دمعك الهتّان |
واغسل به خطّ الخطايا جاهداً |
بالخدّ سكباً ما جناه الجاني |
لا غرو أن الدمع يمحو جريُه |
من آفة الخسران والخذلان |
للَّه قوم أخلصوا فخلّصوا |
وتوسلوا بالذل والإذعان |
هجروا مضاجعهم وقاموا ليله |
عن حلبة سبقت إلى الرحمنِ |
يا لهف نفسي إن تخلّفني الهوى |
ويخاطب أحد الشعراء من تمادى في غيه وذنوبه داعياً إياه إلى الإلتفات إلى شهر رمضان قائلاً:
حتى عصى ربه في شهر شعبانِ |
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب |
فلا تصيره أيضاً شهر عصيانِ |
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما |
ويذكر ابن الصباغ الجذامي ليلة القدر فيقول:
أضعنا وحق اللَه قدرك من قَدرِ |
أيا ليلة القدر الشهير مكانها |
تغافلتَ يا مغرور عن ليلة القدر |
فوا أسفا كم ذا التكاسل والوَنى |
يناجون مولاهم قياماً إلى الفجر |
وقوم على باب الكريم وقوفهم |
فنورهم في ظلمة الليل كالبدر |
تضيء بإشراق الخلوص وجوههم |
وأدمعهم تهمي كمنسكب القطر |
فيا حُسنَهُم والليل أسدل جنحَهُ |
ومن لازم الأبواب يظفر بالبر |
أطالوا على باب الكريم وقوفهم |
ويتحسر إبن الجنان على انقضاء شهر رمضان فيقول:
وغاب سناه بعد ما كان أومضا |
مضى رمضانُ أو كأني به مضى |
ويا عصره أعزز عليّ أن انقضى |
فيا عهده ما كان أكرم معهداً |
فخيم فينا ساعة ثم قوّضا |
ألمّ بنا كالطيف في الصيف زائراً |
أبالسخط عنا قد تولى أم الرضا |
فيا ليت شعري إذ نوى غربة النوى |
وكذلك يتأسف الغشري على رحيل هذا الشهر الكريم قائلاً:
هل بَعْد بَيْنِك كانَ من سلوان |
خيرُ الوداع لشهرنا رمضان |
لم يَبق من ذنبٍ ولا عصيانِ |
خيرُ الوداع عليكَ يا شهر الهُدَى |
فوق الخُدُودِ كهاطلٍ هَتَّانِ |
فعلَى فراقكَ سالَ دمعُ عيوننا |
ويقول شاعر آخر متحسراً على هذا الشهر أيضاً:
يا عباد الله عنا |
أي شهر قد تولى |
بدماء لو عقلنا |
حق أن نبكي عليه |
مرَّ بالغفلة عنا |
كيف لا نبكي لشهر |
قد قُبلنا أم حُرمنا |
ثم لا نعلم أنّا |
المحروم والمطرود منا |
ليت شعري من هو |
ويودع صالح مجدي شهر الخير بقوله:
وَنجمه في سَما الأَعمال قَد أَفلا |
شَهر الصِيام كَثير الخَير قَد رَحَلا |
وَكُلُّها مِن مَصابيح القِيام خَلا |
فَأظلمت مُذ مَضى عَنا مساجدُنا |
يَكون فيهِ النجا وَالفوز إن قُبلا |
يا نَفس هَل فيهِ قَد قدمت مِن عمل |
أَحجمت عَنها إِلى حين انقِضاهُ وَلا |
بَل قَد عكفت عَلى الأَوزار فيهِ فَلا |
أَظنه بَلَّغَ الذَنبَ الَّذي حَصَلا |
لَكنهُ ما اشتَكى لِلّه مِنك وَما |