إيفا علوية ناصر الدين‏

أرسل أحد المتحمسين لأجواء شهر رمضان المبارك على القنوات التلفزيونية رسالة الكترونية قصد إيصالها إلى عدد كبير من الرواد عبّر فيها عن شوقه وانتظاره للفرصة الاستثنائية التي تقدّمها الشاشات الصغيرة لمشاهديها "إكراماً للشهر الكريم"!، معتبراً أنها فرصة موسمية لا تفوّت للاستمتاع بقضاء أوقات مميّزة ومسلّية في متابعة المسلسلات والأفلام والحفلات الفنية وبرامج المنوّعات والمسابقات والترفيه إضافة إلى السهرات المطوّلة التي يطل فيها نجوم الفن والطرب للحديث عن أخبارهم وأسرارهم ومشاريعهم ونزاعاتهم، شارحا انه سيعمد إلى تقسيم أوقات ليله ونهاره "بذكاء" لضمان أفضل استثمار لهذه الفرصة حتى لا تضيع عبثاً!
وفي الختام ضمّن رسالته دعوة لإبداء الرأي على عنوان المنتدى الذي يشارك فيه والرد بالإجابة على سؤاله التالي: أخبرني كيف ستقضي أوقاتك، وما هي برامجك الرمضانية المفضلّة؟

معك حق يا عزيزي، في شهر رمضان المبارك فرصة استثنائية، بل فرصة لا تفوّت، لكنها ليست فرصة للرجوع إلى الوراء، وليست فرصة لقتل الروحانية والانغماس في أجواء اللهو والعبث، بل هي فرصة للجد والاجتهاد، للتقدم والرقي، لسمو النفس وصفائها، فرصة للتقرب من اللَّه عزَّ وجلَّ في شهره، للدخول في ضيافته، لاستحقاق فضله وكرمه، للحصول على رحمته وغفرانه، للسعي إلى رضوانه... أما بالنسبة إلى البرامج الرمضانية المفضلة، فهي كل ما يتناسب مع الأجواء العبادية والروحية لشهر الصيام من قراءة القرآن الكريم والتفرغ للدعاء والمناجاة، وهذا لا يعني أنه ليس بإمكان الصائم مشاهدة بعض البرامج التي لا تتعارض مع الهدف المرجو من هذا الشهر وطبعاً مع عدم الاستغراق فيها على حساب الأجواء الرمضانية المميزة.

يا عزيزي، هناك من يريد تضليل الصائمين وإفراغ هذا الشهر المبارك من مضمونه الحقيقي تحت عنوان إكرام الشهر الكريم. تأمّل قليلاً هل يكون إكرام شهر التوبة والمغفرة بارتكاب المعاصي والمحرمات؟. هل يكون إكرام شهر اللَّه بالابتعاد عن الله؟ إن الإجابة على سؤالنا هذا تحدد الإجابة على سؤالك ذاك.