مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تحقيق: هكذا حاك مجاهدو الوعد الصادق النصر لباساً للوطن‏


إعداد: إيمان علوية


هي الشمس قد خبا ضوؤها واختبأت خلف الغيوم خجلة من وجوههم المشرقة النيِّرة.
وهذي سنابل القمح قد انحنت بتواضع أمامهم ليمرُّوا قربها قوافل تصنع المجد والعز والنصر.
أما أعالي الجبال الشامخة فلقد طردت غربانها السود، واستقبلتهم صقوراً ونسوراً يحلقون ببطولتهم إلى ما بعد بعد....!
إنهم مجاهدو الوعد الصادق نصراً وعزاً وكرامة.
وبعد مرور عام على ذكرى الانتصار التاريخي الذي سطره لنا هؤلاء المجاهدون، يطيب لنا أن نسمع منهم مباشرة أحاديث وقصص وذكريات النصر والبطولة. وما نحن بصدد الحديث عنه في هذا المجال لا علاقة له بالأسرار العسكرية والميدانية، لأننا نعرف جيداً أن السر في نجاحهم هو بكتمان عملهم وهذا ما يهمنا أكثر. وما لدينا هو باقة من مجاهدي الوعد الصادق، يحدثوننا عن بعض ما اختزناه من أسئلة في أذهاننا عن أحوالهم أيام حرب تموز 2006.


* إرادة لا تتزعزع‏
بداية مع أحد المجاهدين الذي يبلغ من العمر 38 عاماً وله ثلاثة أولاد:
هل وجدتم الحرب قاسية عليكم؟ ولأي مدى كان احتمالكم لضراوتها؟
نحن لا نستطيع كمجاهدين عايشوا الحرب أن نقول إن الحرب كانت سهلة.. على الإطلاق، لقد كانت حرباً قاسية جداً بكل ما للكلمة من معنى، وقد وضع العدو الإسرائيلي فيها كل ثقله وإمكانياته المادية والعسكرية.
ولكن رغم ذلك، أثبتنا أننا أصحاب إرادة لا تتزعزع. وخلال الأيام التي مرت علينا كانت أواخر الأيام مثل أوائلها من حيث العزيمة والإصرار وقدرة الاحتمال، وكلما ازدادت حدة المعركة كنا نزداد ثقة بأننا سننتصر عليهم ونهزمهم.

* جنود العدو كالثكالى‏
مجاهد آخر (عمره 29 سنة) يتحدث عن الضعف الذي وجده عند العدو.
* كيف رأيتم معنويات جنود العدو في المعارك الميدانية؟
لا شك في أن هذا العدو حينما قرر خوض الحرب ضد لبنان كان واثقاً جداً من مقدرته العسكرية. ومع ذلك فقد عجز عن أن يهزمنا وذلك بسبب الجبن والهشاشة والضعف في نفوس أفراده. وعلى الصعيد الشخصي أنقل مشهداً من أحد المواقع الذي تهيأ الصهاينة لاقتحامه بعدما مهدوا للدخول إليه بقصف غير طبيعي، ومن ثم دخلت فرق الإيغوز وهي تغني باللغة العبرية وكأنها قادمة إلى منتزه، ولما أمطرناهم بسلاحنا واشتبكنا معهم كانوا يبكون كالثكالى، ويصرخون بخوف ورعب؛ لأنهم رأوا أفراد حزب الله مباشرة بينما نحن كنا نطاردهم ونلحقهم من مكان إلى مكان ونقتلهم. وما نفع سلاحهم إذا كانوا جبناء؟

* عشق الجهاد
لنتحدث عن نموذج من نماذج البطولة. يجيبنا أحد المجاهدين (42 عاماً وله أربعة أولاد):
لقد شارك في تلك الحرب مجاهدون من مختلف الأعمار، ومنهم من كان معنا في أول ريعان الشباب، ومنهم من هو صاحب العيال، لكن بكل الأحوال، لقد استبسلوا استبسالاً غير طبيعي. هذه هي الحالة العامة التي كانت سائدة، وأنا واحد من هؤلاء المجاهدين. عمدت إلى تدمير بيتي وأنزلته على رؤوس الإسرائيليين لأنهم تمركزوا فيه، وكان لهم بمثابة نقطة لاصطياد المجاهدين واحترق بيتي ومات الجنود داخله كما احترقت فيه كل الصور والذكريات ولست نادماً على الإطلاق.

هل كنتم تعتبرون الجهاد في هذه المعركة مجرد مسألة أداء تكليف وواجب؟
هذا جزء من الجواب، لكن يشهد الله أنه كان هناك لدى المجاهدين عشق لنيل الشرف في المشاركة بهذه الحرب، وكان الإخوان يتنافسون ويتزاحمون للمشاركة في الالتحامات المباشرة ومثلث التحرير مارون، عيناتا، بنت جبيل يشهد على الكثير من هذه السباقات لدى المجاهدين الذين سطروا أروع الملاحم، وهناك فعلاً إخوة كانوا يطلبون دائماً أن يلتحموا مع العدو، وكانوا يقولون نحن مستعدون لنقبّل أياديَ وأرجلاً من أجل المشاركة.. ولا دليل أوضح من هذا.

* عطر الشهادة
مجاهد آخر (27 عاماً، خاطب) يجيب عن هذا السؤال بعدما فقد عدداً من رفاقه الشهداء الذين سبقوه إلى الجنة.
هل كان رحيل الأحبة من الشهداء يقلل من عزيمتكم ويحبط معنوياتكم؟
فيما يخص هذا الموضوع بالتحديد، كان هناك تجسيد لكربلاء الحسين في معركتنا التي مضت، لأن كل مجاهد شارك في هذه المعركة كان يحتمل في قرارة نفسه عدم العودة مجدداً إلى أهله وعياله، وهو قد وطّن نفسه على هذه المسألة. أما ما كان يجري على الساحة الميدانية، فكنا بطبيعة الحال نتأثر بفقد عزيز لنا تعرفنا عليه خلال الحرب وأصبحنا كأفراد الأسرة الواحدة نأكل ونضحك سوياً، وفجأة تغيب عنه لفترة ثم تعود لتجده قد استشهد. هذا كان يؤثر فينا، لكن لم يفتّ من عزيمتنا، بل على العكس نقول له "أنت أمامنا في الجنة"، ونكمل مهامنا في دفاعنا عن القضية.

* موائد عامرة على الجبهة
مجاهد آخر من مجاهدي الوعد الصادق (36 عاماً وله ولدان) يضحك مسترسلاً لدى هذا السؤال:
كيف كنتم تقتاتون وقت الحرب وكيف كانت تغفو أعينكم؟
فيما يخص مسألة النوم، فلقد كان على كل مجاهد منا بعد انتهاء الحرب قضاء شهر كامل لم ينم فيه. أما مسألة المؤونة، فهذا السؤال تختلف الإجابة عنه عند المجاهدين بحسب الظرف والمكان والزمان الذي كانوا فيه، بمعنى أنه كانت تمر على المجاهدين أوقات عصيبة، في ظل طقس لاهب ولا يستطيعون الاقتراب من بئر الماء الموجودة قربهم مسافة أمتار قليلة ليشربوا بسبب تحليق الطيران المكثف والقصف المركز. ورغم ذلك، كانوا يتحملون الجوع والعطش وقلة الطعام ولا يثنيهم ذلك عن متابعة القتال.

وربما في نفس الأماكن ومع نفس المجاهدين أو أماكن مختلفة ومجاهدين آخرين، كان يختلف الوضع وتتيسر هذه الأمور فيأكل ويشرب هؤلاء المجاهدون هنيئاً مريئاً. ومن يصدق أن في منطقة عيتا الشعب التي حاول العدو إبادتها وتدميرها بالكامل، قد عمد مجاهدوها إلى ذبح شاة وأكلوا اللحوم الطازجة رغم حدة المعارك. أيضاً كان المجاهدون يبتكرون أحياناً أنواعاً من الطعام بعد أن نملّ من المعلبات والطعام الروتيني. فمثلاً، يدعونا أحد المجاهدين إلى تناول الصيادية التي حضرها لنا مع البطيخ اللذيذ. نلبي دعوته مسرورين، فإذا بنا نجده قد طبخ الأرز ووضع بداخله أفراخ السردين من العلب الحافظة ويطعمنا إياها على أنها "صيادية السمك!!". أما البطيخ، فهو عبارة عن قطع الأناناس المعلبة في صحون!!!

* نملك ما لا يملكون‏
وفي الختام مع آخر مجاهد من هذه الباقة الفواحة عطراً ونصراً:
كيف تجد آثار هذه العملية عليكم كمجاهدين على العدو المهزوم وهل يغامر ثانية؟
أثبتت التجربة لدينا كمجاهدين، أننا نقاتل جيشاً لا يملك مهما حشد من آليات وعتاد ما نملكه نحن. نحن نملك الإرادة والقدرة على المواجهة... ونملك حب الأرض والوطن في نفوسنا.. ونعشق هذه الأرض التي مهرت كل خطوة نمشيها عليها بدماء رفاقنا وأحبتنا وأبنائنا الشهداء، ولا نفرط بها. أما هم، فلقد أثبتت التجربة لديهم لكن مؤخراً أنهم حمقى كما وصفهم السيد. وأغلبهم الآن يخضع للعلاجات النفسية. وإذا كان لا بد من مغامرة لاحقة، فالأجدر بهم أولاً أن يقوموا بإجراء عملية جراحية لكل فرد منهم يزرعوا داخله الإرادة في مواجهتنا، وأعتقد أن نسبة النجاح في هكذا نوع من العمليات لا يتعدى أصابع اليد الواحدة في المئة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع