إيفا علويّة ناصر الدين
قالوا: إسمعوا منا نصيحة لوجه اللَّه: حاذروا مواجهة الجيش الأسطورة، وكفّوا عن التحدي والتصدي. فلن يكون نصيبكم من ذلك سوى الفشل والتقهقر، ولن تحصدوا إلا النكسة، ولن تذوقوا إلا طعم الخيبة والانكسار. وقلنا: عن أي أسطورة تتكلمون؟ إنها أسطورة الوهم المعشش في مخيلاتكم ليس إلا. إنه وسواس الخوف المتلبِّد في قلوبكم.
انظروا لتروا شدة بأسنا وصلابة عزيمتنا، وستثبت لكم الأيام هشاشة ما تزعمون. قالوا: هادنوا تسلموا، فهذا حكم القوي على الضعيف، وإن قدر الضعيف أن يمشي متستراً في الظل، وأن يدفع ضريبة حياته السكوت حتى يجد لنجاته سبيلاً. وقلنا: من قال إننا ضعفاء؟ نحن الأقوياء بعمق إيماننا باللَّه تعالى الذي خلقنا لنعيش أحراراً. فلا سكوت عن الحق، ولا معنى لحياة في ظلال المذلة والهوان. إن الكرامة رصيد حياتنا، والمقاومة قضاؤنا وقدرنا واختيارنا الذي نحب ونرضى. قالوا: العين لا تقاوم المخرز، إن عددكم قليل، وعتادكم هزيل، فلا ترموا أنفسكم في فم التنين وتقدموها لقمة سائغة له، بل ارموا سلاحكم حتى لا تهدروا دماءكم سدى. وقلنا: إن قطرات دمائنا فداء لحبات تراب الوطن، ونحن عشاق الشهادة، والشهادة أروع حياة.
أما الموت فهو العيش في مستنقع العبودية للظالم والمستكبر. وأما حساب العدد والعدة فإنه لم يدخل يوماً في ميزان الربح والخسارة، ولطالما كانت نتائج المعركة رهينة بطولة وشجاعة وإقدام المقاتلين، ومدى سمو الهدف، وصدق القضية. قالوا: إنكم تضعون أنفسكم على كف عفريت بانتظار النهاية السعيدة، لكنكم عبثاً تحاولون، فلن يكون لكم إلى النصر سبيل. قلنا: إن الصبح لقريب، وإن النصر لآتٍ آتٍ آتٍ. قالوا وقلنا، فما كان قولهم إلا سراباً، وما كان قولنا إلا فعلاً، وغدا فعلنا انتصاراً.