مع الإمام الخامنئي | احفظوا أثر الشهداء* لماذا غاب الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى الآن؟ فقه الولي | من أحكام الإرث (1) آداب وسنن | تودّدوا إلى المساكين مفاتيح الحياة | أفضل الصدقة: سقاية الماء* على طريق القدس | مجاهدون مُقَرَّبُونَ احذر عدوك | هجمات إلكترونيّة... دون نقرة (1) (Zero Click) الشهيد السيّد رئيسي: أرعبتم الصهاينة* تاريخ الشيعة | عاشوراء في بعلبك: من السرّيّة إلى العلنيّة الشهيد على طريق القدس المُربّي خضر سليم عبود

أول الكلام‏: يومٌ أسَّسَ لكلِّ أيامنا

الشيخ يوسف سرور

 



يومها، كان الزمان تنساب لحظاته في سباق تتراكض آناته. مسامات الأيام والليالي تتفتّح، لتتسع وتتسع، لينفلت الوقت من عقال الانتظار، وتتحرر الثواني من قيود الاصطفاف... لا تريد اللحظات أن تتتالى لتكون إحداها خلف أخرى، إنما تتوثب لتتقارن في تزامن، لا يتحسّر فيه أي مقطع على انفلات المشهد من حضوره.

عجيبة هي تلك الأحداث، وغريبة هي تلك الوقائع، التي تصبح فيها حركة الزمان أفقية، بعد أن كانت قبله وهي عادت بعده تسير في الانسياب العمودي إياه، الذي عهدته الكائنات، وخبرته الموجودات في هذا العالم السفلي، الممزوج بأكدار المادة ولوثات تزاحُمِ الأشياء. لكأنّ اشتباك العوامل، واعتراك الوقائع، ممزوجاً بتفكّك أوصال الاعتداد والغرور، وتهشم عظام الهياكل الوهمية... لكأنَّ ذلك أبى إلا أن يؤازر ذلك الاحتقان المختنق في النفوس، وتلك الاندفاعة المشحونة بها قلوب الوالهين. هي لحظات تزدهي بين أيامنا وسنواتنا الذابلة، تتفاخر على أخواتها، مشرئبّةً، تتطاول فوق هامات الماضي الواهن، وكأنها تتباهى بمشاهداتها، باقترانها تكويناً بإعلان حقيقة طال انتظارها، والتهب الشوق إليها في صدور المعذبين المضطهدين المقهورين.

هي لحظة الاحتفال بولادة الذات الإنسانية، محررة من كل الأصفاد التي كبّلتها قروناً متمادية، عاريةً من كل غبار الذلِّ الذي اكتنفها على مدى الزمان المتصرّم، الزاخر بعواثر الأحداث ونكبات الزمن. يومها... استحالت الثواني والدقائق والساعات، كل مقاطع الزمن، مقطعاً واحداً يشهد ولادة صبحٍ جديد، تشرق فيه شمس الحرية والحقيقة، بانسدال نورها على ذرات الوطن، واكتناف دفئها لكل أبدان بنيه، واختراق سطوعها لكل القلوب المنكسرة... معيدةً إليها الحيوية والنبض والبِشْر والحياة. الخامس والعشرون من أيار، هو زمان لا يتخلّف فيه الأحرار عن الاحتفاء بنصرٍ، كتبت حروفَه تضحياتُ المجاهدين بعرقهم، وسطّرت صفحاتِه مآثرُ الشهداء بلون دمائهم...

الخامس والعشرون من أيار، هو يوم تقف فيه الأمة بهامات أبطالها الشامخة، لتعلن لكل الأمم والعناصر والأعراق والألوان، أنها أمة تعشق الحرية، وتسير يحركها دم حسيني ثائر في أوردة أبنائها، ترشد بوصلتَها راياتُ الحق المنتصبة في قلوب الأحياء، لأنهم يصنعون لكل أمتنا الحياة. وتمسك بيارقها المرفرفة فوق روابيها أيدي الأولياء المنتظرين للحظة الظهور المطهرة عالمنا من الظلم والجور، لتملأه قسطاً وعدلاً. ولا يثني أبناءها ضجيج العابثين من طحالب الزمن، الذين جادت بهم قرائح الشيطان... ولا يحبط عزيمتهم استدعاء الوصايات من كل حدب ذليل. الخامس والعشرون من أيار، يوم تترنم فيه شفاه ملائكة الأرض والسماء، لتعلن تقدُّمَ أبناء الحسين إلى الأمام، في مسيرة لا يوقف اندفاعتها كل غثاء السيل، الذي تنضح به أوعية اللاهثين. الخامس والعشرون من أيار... يوم يؤسس لكل أيامنا الآتية التي لن نشهد بعدها إلا الانتصارات التي بشّر بها قرآننا، ولهجت بها ألسنة نبينا وأئمتنا، وتمتمت بها شفاه قادتنا بالأمس القريب. الخامس والعشرون من أيار... يوم المقاومة والتحرير... كل عيد وكل أمتنا بألف خير.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع