ايفا علوية ناصر الدين
كان يا ما كان، على مر العصور والأزمان، وفي مختلف الأمصار والبلدان، كان طغاة العالم من الحكام والأعوان، يتكالبون على العروش الخاوية، يلهثون وراء أطماعهم وأهوائهم، يتسلطون ظلماً وعدواناً، يحكمون بالحديد والنار، يعيثون في الأرض فساداً، يتجبرون على الحق، يستكبرون بالباطل، يغتصبون إرادة الشعوب، يستبيحون حرمات الناس، يتسترون بأقنعة الوهم والسراب، يتسلحون بمخالب الغدر والخيانة، يختبئون خلف شعارات الزيف والخداع.
وكان هؤلاء، ولو بعد حين، يتهاوون عن عروشهم المتهالكة، ويسقطون إلى أسفل سافلين، وينتهون إلى مصيرهم الأسود المشؤوم، منبوذين إلى قمامة التاريخ، ملعونين على صفحاته، محشورين في زنازينه المظلمة.
وكان أصحاب الحق لا يخافون في اللَّه لومة لائم، يرفضون الضيم، لا يسكتون على المذلة ولا يرضون على أنفسهم الهوان، يقفون ضد الظلم والعدوان، ولا يسلمون رقابهم للطغيان، يواجهون الباطل، يجابهون الاستكبار، يتحدون الإرهاب، ويثورون على الفساد، يدافعون عن القضية بجرأة المواقف. وحين يشتد الوطيس يناضلون، يحملون دماءهم على الأكف، يرخصون أرواحهم للَّه، يعيرونه جماجمهم، عشقهم الشهادة، رايتهم الحرية، سلاحهم الكرامة، والمقاومة تاج رؤوسهم.
وكان هؤلاء هم الغالبين دوماً، المنتصرين بالحق على الباطل، وبالدم على السيف، مخلدين حكايتهم المحفورة على جبين الزمن، تاريخاً لأجيال الإنسانية: حكاية الصراع المحتدم بين محوري الخير والشر، والتي حتماً تكون الغلبة فيها لقوة الخير وكلمة الحق التي تبقى هي العليا. ومن يرد استحضار النماذج والأمثلة فإن عاشوراء على ذلك خير مثال.