منال ضاهر
يفترض الالتزام بالحجاب الإسلامي من المرأة المحجبة مراعاة الشروط التي يحددها الشرع، فترى الملتزمات بعضهن يلبسن "عباءة سوداء" أو "تشادور أسود" وأخريات يلبسن اللباس الشرعي الفضفاض الذي تتدرج ألوانه من البني القاتم وصولاً إلى العسلي الفاتح. وتتنوّع الآراء في الزي الشرعي وحدوده وفي شكله وألوانه وتصاميمه... بين آراء تؤيد الوقوف عند خطوط عامة متعارف عليها في تحديد الزي الشرعي وآراء أخرى تحبذ الانفتاح على عالم الأزياء وصرعات الموضة في حدود تراعي خطوط الشرع والعرف معاً....
- رأي الشرع
يحدد الإسلام زي المرأة كما يرى الشيخ محمد توفيق المقداد (مدير مكتب الوكيل الشرعي) بثلاث نقاط : الأولى: أن يكون اللباس فضفاضاً لا تبرز من خلاله تفاصيل جسد المرأة.
الثانية: أن لا يكون اللباس ذا ألوان فاقعة كالأحمر، والأصفر والزهر...
الثالثة: أن يكون اللباس بسيطاً، "بدون صرعات".
ويستطرد الشيخ المقداد قائلاً: "إن الإسلام لم يفرض طريقة معينة وإنما فرض ستر الجسد بشكل لا تظهر مع اللباس معالم هذا الجسد"... ويتابع "إن اللباس يجب ألا يثير الطرف الآخر. وعليه، يجب أن يكون بسيطاً وغير معقد...".
- اللباس عند المحجبات
ماريا (إسبانية متزوجة من لبناني) تعتبر أن الزي الغربي الذي كانت تلبسه سابقاً في بلادها عرَّضها للكثير من النظرات غير المحمودة من الجنس الآخر وهي تعيش اليوم في لبنان وتلبس "العباءة السوداء" وليس بإرادة زوجها بل بقناعتها، وهي ترى أن هذا الزي هو الأفضل للمرأة لسببين: الأول أن جسدها ليس سلعة لنظر المارة بل هو محصور بنظر الزوج فقط، والسبب الثاني أن إظهار مفاتن المرأة بالصورة الغربية يسيء للمرأة ولا يخدمها...". "إن الزي الشرعي يختزن في داخله أمرين" على حد تعبير سكينة (26 عاماً طالبة حوزة) "الأول ستر الجسد الذي حرم اللَّه كشفه للأجنبي، والثاني عدم خلق الإثارة". وتتابع القول: "لذا يجب أن تكون ملابس المرأة ساترة لجسدها بحيث لا يظهر من جسدها ما حرَّم الله ظهوره وألا تكون طريقة اللباس تعرضها لنظرات محرمة..." وتكمل "أن اللباس الذي يختزن في داخله هذين الأمرين يعتبر شرعياً...". وترى ماجدة (32 عاماً أخصائية اجتماعية): "أن زي أو لباس المرأة المحجبة يجب أن يعادل بين الشرع والعرف حتى لا تقع في متاهات البيئة التي تعيش فيها". بينما تعتبر جنى (23 عاماً مدرسة) أن لا مشكلة في الألوان المزركشة والابتعاد عن الألوان الداكنة ولا ترى مشكلة في ارتداء زي يتماشى مع الموضة ما دام يستر الجسد.... أما أم علي (45 عاماً مصممة أزياء شرعية) فتعتبر أن المرأة "عندما تحاول أن توفق بين الحجاب وبين الموضة الحديثة تحوِّل حجابها إلى زي للإثارة بدلاً من أن يكون زياً للاحتشام. فانفتاحها على الأجواء المعاصرة للأزياء يجذب الأنظار إلى طريقة لباسها ويتحول هنا اللباس بشكل خاص والحجاب بشكل عام عن فكرته الأساسية فتقع في المحظور...". "لم يرد في الشرع تأكيد على التشادور أو العباءة" كما تقول نسرين (35 عاماً طالبة حوزة)؛ "لأن كليهما يعود إلى تقليد ناشىء من أوضاع بيئية معينة أو ارتياح لهذا اللباس أو ذاك... لذا فإن المرأة عليها أن تخرج بطريقة محتشمة تراعي فيها الحدود الشرعية من جهة ومن جهة أخرى مظهر الإنسانة وليس مظهر الأنثى...".
وتخالف سهام (30 عاماً ربة منزل) ما جاءت به نسرين، فتقول: "إن الزي الشرعي الوحيد هو اللباس الفضفاض ذو الألوان الهادئة والذي يستر الجسد ويعطيه وقاراً وهيبة وأظن أن العباءة أفضل زي للمرأة المسلمة حتى تتجنب الوقوع في المحظورات الشرعية...". سلمى (أخصائية اجتماعية) تقول: "يجب التحذير من الغزو الثقافي الذي يؤثر في تغيير المحجبة لشكل ملبسها بأن تختار ملبساً لا يتناسب مع ثقافة مجتمعها الديني والخلقي... لذا علينا الانتباه إلى مراعاة الحدود المرسومة للملبس وإلا سنحصد نتائج خطيرة تنعكس على المجتمع ككل...". يعتبر الحاج قاسم حوا (مشاغل الكوثر) أن "هناك خطوطاً عامة نعمل عليها في تفصيل الزي الشرعي وأبرزها أن يكون الزي فضفاضاً، ألوانه غير فاقعة وبالتالي فإن الألوان يجب أن تكون داكنة...". ويؤكد حوا أن "هناك مشكلة في الزي الشرعي لدى المجتمع؛ لأن هناك حوالي 30% من المحجبات يطلبن اللباس الشرعي بمواصفاته المتعارف عليها وأن المشغل لا يستطيع أن يقدم زياً لا يتماشى مع صرعات الموضة، فالعصر قد اختلف ولا يمكن أبداً تقديم ثوب بمواصفات عشرين سنة ماضية...". ودعا حوا إلى العمل على المستوى الثقافي والإعلامي من جديد حتى تتضح صورة الزي الشرعي مجدداً لأن الصرعات التي تعرض على الستالايت والإنترنت تؤثر سلباً على الزي المطلوب شرعاً...
- لباس المكلّفات
"أرتدي ألبسة ملونة تناسب عمري" تقول زينب (11 عاماً) و"بالتالي ما زلت صغيرة على أن أرتدي اللون الأسود وهكذا تقول لي والدتي". أما والدة علا فتنقل عن زوجها قوله: "ألبسيها ألواناً هادئة فاتحة لأن الألوان قد تشجع الطفلة على الحجاب...". ويؤكد حوا كلام والد سارة بالقول: "نقوم بتشجيع المكلفات من خلال تصميم ما يسمى بال "شرعي Sport" وهو زي متميز بألوانه الفاتحة والتطريز والزركشة الملونة على ارتداء الحجاب وبالتالي تصبح لديهن تشكيلة واسعة يستطعن من خلالها اختيار ما يعجبهن؛ إضافة إلى أن أهالي المكلفات يطالبون بتصاميم تتناسب مع أعمار بناتهم وعلى حد تعبير أحدهم: المكلفات ما زلن في بداية عمرهن...". الكلمة الفصل: يعتبر الشيخ المقداد أن على المكلفات: "الالتزام بضوابط الزي الشرعي: فضفاض، لا يبين تفاصيل الجسد، ألوان غير فاهية...، وأن الحكم لا يفرق بين فتاة صغيرة وأخرى كبيرة فالضوابط هي نفسها بالنسبة للفتاة في الزي الشرعي...". يبقى المجتمع بأفراده وعناصره مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن تربية الفتاة حتى تتمكن من رسم المعالم الصحيحة لزي يتناسب مع الضوابط الشرعية التي جاء بها الإسلام الحنيف.