مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع القائد: الهوية الإسلامية هدف الاستكبار العالمي


إنّ البشرية تعاني من آلام كثيرة منذ قديم الزمان، وهي تحتاج إلى العدل والهداية والأخلاق الإنسانية الرفيعة، كما تحتاج إلى العون والرشاد. إننا - نحن المسلمين ونحن البشر جميعاً - في أمسّ الحاجة اليوم للنبي؛ لأن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بُعث رحمةً للعالمين، وليس فقط رحمةً للمسلمين. لقد مهّد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله سبيل الخلاص أمام البشرية، كما فتح أمامها باب الصلاح وأخذ بيدها على طريق الرشد والرجاء، وهو الطريق الذي بوسعه إنقاذ البشرية مما تواجهه من مشاكل وعلاجها من كل ما تعانيه من آلام. إنّ التقدم العلمي الذي أحرزته البشرية بات يعاني في مجموعه من العزلة والانزواء، ولا سيّما على الصعيد الأخلاقي والمعنوي والديني. وبمقدور العلم البشري والنظرة الإنسانية الجديدة لحقائق العالم الطبيعية أن تكون دافعاً لنهضة الأمّة الإسلامية. إنّ العالم الإسلامي يستحوذ على المعارف الإسلامية، بما في ذلك السيرة النبوية والحديث النبوي الشريف، فضلاً عن القرآن الكريم الذي يسمو على كل شيء، وبإمكان العالم الإسلامي أن ينهض ويخطو للأمام. وفي هذا الخصوص هناك عدد من النقاط المحورية:

1 - يقظة العالم الإسلامي:
إنَّ ما كان يطرحه المصلحون منذ مئة عام في غرب العالم الإسلامي وشرقه - وكان يبدو غريباً في ذلك الزمان - قد أصبح اليوم شعاراً تردده الجماهير وترفعه الشعوب، وذلك من قبيل: العودة إلى الإسلام، وإحياء القرآن، ووحدة الأمّة، واستعادة كرامة وقوة العالم الإسلامي والأمّة الإسلامية، وسواها من المشاريع التي كانت تتفتق عنها أذهان المصلحين، والتي كانت تبدو وكأنها طموحات مستحيلة، فكانوا يتوجّسون من التفوّه بها إلاّ في نطاق محدود وبين الخواص من الناس. هذه الأمور أصبحت اليوم حديث الجماهير المسلمة التي ترفعها شعاراتٍ حية وأهدافاً طموحة. لقد غدت هذه الشعارات حيةً اليوم في كل بقاع العالم الإسلامي، ولا سيّما بين الشباب والمتعلّمين والمثقفين؛ وهو ما يدل على حقيقة أنّ الهوية الإسلامية قد بُعثت في القلوب من جديد. والواقع أنّ انتصار الإسلام في إيران الإسلامية كان له دوره المؤثر والبارز على هذا الصعيد.

2 –عداء الاستكبار للإسلام:
وأما الحقيقة الأخرى التي لا يمكن إنكارها، فهي: أنّ عداء جبهة الاستكبار العالمي للإسلام قد بات اليوم أكثر تنظيماً وجدّية واتساعاً، سواء أكان ذلك على الصعيد الثقافي أو الدعاية السياسية أو التحرك السياسي أو الضغوط الاقتصادية. وإنّ نهضة العالم الإسلامي تمثل خطراً على دنيا الاستكبار. إنّ القوى الاستكبارية أي التي تُحكم سيطرتها على جزء كبير في العالم وشبكة الصهيونية العالمية، والعنجهية الأمريكية المتسلطة، وتلك المؤسسات الاقتصادية التي تدعم هذا النظام السلطوي العالمي، تشعر بالخطر جرّاء صحوة العالم الإسلامي، وهو ما يأتي دائماً في تصريحات رموزها. وإنّ الذي تمارسه تلك الجبهات اليوم من ضغوطات ضد الإسلام قد بات حركة منظّمة ومحسوبة ومرسومة.

3 – هزيمة الاستكبار:
والحقيقة الثالثة هي: أنّ الهزيمة لحقت بجبهة الاستكبار في هذه المواجهة رغم الحسابات الظاهرية والمادية، والتي كانت تشير إلى تفوّقها في السلاح والعتاد والقوة العسكرية والاقتصادية، فمُنيت بالفشل الذريع أمام الأمّة الإسلامية والشعوب المسلمة.  لقد كان من الأهمية بمكان أن تُمنى القوى الاستكبارية الأمريكية بهذه الهزيمة الساحقة، رغم نزولها إلى الساحة بكل ما لديها من عُدة وعتاد في أحداث الشرق الأوسط، وخصوصاً في قضية فلسطين والقضايا الأخرى في المنطقة كقضية العراق وقضية لبنان، فهذه حقيقة جليّة. لقد كانت الهوية الإسلامية هي الجانب المنتصر في هذه المواجهة بين الهويتين الإسلامية والاستكبارية.

* الوحدة الدواء الناجح
إنّ هذه الحقائق لابدّ من أخذها بنظر الاعتبار.  إنّ على العالم الإسلامي أن يفي بالتزاماته إذا ما أراد أن يأخذ بيد الأمّة الإسلامية على الطريق الصحيح نحو النصر. وعلى رأس هذه الالتزامات الوحدة الإسلامية والانسجام الإسلامي. إنّ دقّ إسفين الخصومة بين الأشقّاء ليس سوى خطة دأب عليها الاستكبار منذ القدم، فشعاره :فرّق تَسُدْ، وهي سياسة قديمة. ونحن في غفلة عن ذلك جرّاء الأهواء النفسية والتحليلات الخاطئة وانعدام النظرة الثاقبة، وترجيح المصالح الشخصية أو المصالح قصيرة الأمد على المصالح بعيدة المدى. إنّ سياسة الاستكبار اليوم تتركز في إيقاع الصِدام والتناحر بين الفلسطيني والفلسطيني، والعراقي والعراقي، والمسلم الشيعي والمسلم السنّي، وبين العربي وغير العربي، وهي سياسة معروفة. إنّ من الواجب على الجميع أن يتخلّصوا من هذا الداء أولاً وقبل كل شيء. ونحن من جانبنا نعتقد أنّ الوحدة بين أبناء الأمّة الإسلامية ضرورة أساسية. على أنّ ثمة عراقيل تعوق مشروع الوحدة، وفي مقدمتها الرؤية غير الواضحة، وعدم وقوف البعض على حقائق الأمور، وانعدام الصلة بين الأشقّاء، وشكّ الواحد في الآخر. 

وللأسف، فإن البعض يقع في حبائل الأعداء ويصبح لعبة في أيديهم؛ بسبب سوء الفهم وسوء التحليل والجهل بحقيقة الخطة العدائية. إنّ الوحدة هي الدواء الناجع لكل أدواء العالم الإسلامي اليوم، فعلى الجميع أن يتّحدوا. إنّ على علماء ومفكّري المسلمين أن يتكاتفوا على وضع دستور للوحدة الإسلامية، وأن يُصدروا بياناً بهذا الشأن؛ حتى لا يتجرّأ أولئك الجهلاء المتعصّبون المنتمون إلى تلك الفرقة الإسلامية أو ذلك التيار على تكفير غالبية المسلمين واتّهامهم بالخروج عن الإسلام بكل يُسر وحرية. إنّ التاريخ يطالب المثقفين والعلماء الإسلاميين اليوم بأمور عدّة، وفي مقدمتها إصدار مثل ذلك البيان. إنّ الأجيال القادمة لن تغفر لكم إذا لم تحققوا هذا الإنجاز.

 ألا تشعرون بعداء الأعداء وكيف يبذلون قصارى جهدهم لمحو الهوية الإسلامية وشقّ الصف الإسلامي..!؟ اجلسوا وفكروا في العلاج، ولترجّحوا الأصول على الفروع. إنّ من الممكن أن تكون هناك اختلافات بين أصحاب المذهب الواحد، فلا مانع من ذلك. ولكن هناك قواسم مشتركة أكبر قيمة وقدراً، فليلتفّ الجميع حول محور هذه القواسم المشتركة، وليحذروا مؤامرات الأعداء وألاعيبهم.  إنّ المهم بالنسبة للاستكبار هو الإسلام. إنهم يريدون ضرب الإسلام، وهو ما يجب أن يفهمه الجميع. إنه لا فرق لديهم بين الشيعة والسنة. إنهم يشعرون بالخطر إزاء كل من يتمسك بشدة بالإسلام، شخصاً كان أو جماعة، وعندهم الحق في ذلك، فالإسلام بالتأكيد يمثل خطراً على أهداف ومطامع السيطرة الاستكبارية، ولكنه لا يمثل أدنى خطر على الشعوب غير المسلمة، ولكن وسائلهم الدعائية تبثّ غير ذلك. إنهم يستغلون الفنون ووسائل الإعلام والسياسة والدعايات للقول بأن الإسلام يعدّ خطراً أو تهديداً على الشعوب الأخرى، بل وعلى الأديان الأخرى! وهذا خطأ؛ لأن الإسلام لا يهدد الأديان الأخرى. 

فالإسلام هو ذلك الدين الذي أدهش برحمته غير المسلمين بعد الفتح، واعترف أصحاب الديانات الأخرى بأن حكمه أعظم عطفاً ورأفة من حكم حكّامهم السابقين. نعم، إنّ الإسلام والصحوة الإسلامية بمثابة الخطر، ولكن على لاستكبار، وهم يوجّهون إليه سهامهم حيثما كان، سواء أكان أهله من السنّة أو من الشيعة.  إنّ على العالم الإسلامي اليوم أن يسعى إلى تحقيق عزّته وكرامته واستقلاله وتقدمه العلمي وقوّته المعنوية، أي التمسك بالدين والتوكل على الله والإيمان بالمدد الإلهي. فهذا وعد إلهي، والوعد الإلهي المنجز هو ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ (الحج: 40) فعلى الجميع النزول إلى ساحة التحرك والعمل بالاعتماد على هذا الوعد. إنّ العمل لا ينحصر بالسلاح والبندقية، بل هناك النشاط الفكري والذهني والعلمي والاجتماعي والسياسي، وكله في سبيل الله ومن أجل اتحاد العالم الإسلامي. وهذا سيعود بنفعه على كافة الشعوب والحكومات الإسلامية.
 


مقتطف من كلمة ألقيت في 7-4-2007

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع