أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أول الكلام: ثقافة الحياة.. الحرية المضرجة

الشيخ يوسف سرور

 



بالأمس، حشد العالم جيوشه وعساكره، اجتمعت كل قوى الدنيا، أتانا الآخرون بكل ما فاضت به قرائح المبدعين من أسلحة الفتك والتدمير، وتوافدت جحافل المقاتلين المدربين، بشكل يُزعم أنه معدوم النظير، والمجرّبين بوقائع وصولات، وأحداث وجولات، شهد لمراسمهم فيها كل عارف وخبير... حُشرت الجموع المصطفُّة في هذه البقعة من العالم، بشكل متكاثفٍ يغلق على البيادق المتّسقة حتى مسامات الأنفاس.
 

تكاد لا تجد شجرة إلا وتفيأها جندي، ولا صخرة إلا وتترس بها مقاتل، لا تجد مسلكاً في وادٍ، ولا نقطة مشرفة على محيطها فوق قمة تلة إلا ملأ ثغرها حشود من بيادق الجيوش المغترّة. القلاع المتحركة من بنات الأجيال المختلفة التي تؤي في أحشائها بيادق الشر وآلات فتكهم، تملأ المسارب، وتحصي ذرات الهواء المتحركة، لتعدم كل فعاليات البراري والمساكن... غربان الموت المحلقّة في الأرجاء، نسبي فضاءات السلام وتقلع الأمن والطمأنينة من أرض الطيبين ومن السماء... تحمل أطنان الوجع للأرض... تعتقل لحظات الفرح والسكينة... تحركها صور آدمية تنضح بروح الشيطان... قلوبهم كالحجارة، أو هي أشد قسوة، وإن من الحجارة لما يشّقَّقُ فيخرج منه الماء. صُمّت أسماع قلوبهم عن آهات الأطفال البريئة، وعن أنات الثكالى الحزينة... وعميت عيونهم عن صور الطهر المسفوح على مذبح أهوائهم والأحقاد... ومن قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً... فكيف بمن يذبح البراعم والمستضعفين من النساء والولدان والشيوخ العزل... وعن سابق كل الإصرار ومنتهى التصميم.

ومن وراء ذلك كله... أمم وأحلاف وأنظمة قيل إنها حكومات الاعتدال... يا له من اعتدال!! هامات الحكام المنكسة أمام الوحوش الكاسرة، تستعذب التبعية وتستلذ الهوان... لا أيها السادة، ليست مصائر الشعوب محكومة إلى إرادات العنت والتجبر.... ما دامت الشعوب حية تسعى خلف حرياتها، لا يثنيها عن حقها دمار، ولا تعرف في سبيل عزتها ذلاً ولا يعتورها انكسار... لأمة التي يحمل رجالها بيارق الجهاد والشهادة، والذين تحمل قلوبهم إيماناً لا يحمله أحدٌ على وجه الكرة الأرضية... الأمة التي يندفع فتيتها وأبطالها في صولات الحروب، يقذفون بأرواحهم في لهوات الوطيس... مدفوعين بأنات القلوب المكسورة... بآهات النفوس المقهورة، يحملهم شوقهم إلى لقاء معشوقهم... لا يبغون عنه بدلاً... ولا يرتضون عنه حِوَلا... الأمة التي سادتها حكماؤها... قادتها شهداؤها... شهداؤها عظماؤها... لن تنكسر أمام كل قوى الدنيا... ولو تكالبت عليها الأعراب والأعاجم، ولو طعنها بعض أبناء جلدتها... فإنها لن تخرج من جلدتها... عادت القلاع المتحركة توابيت فريدة لبيادق الشر من أرض الميدان، وتناثرت أشلاء ريح الشمال ومعها صور الآدميين فوق ترابنا المدماة... عندما عصفت بها ريح الشمال، فجعلتها رماداً تذروه الرياح... وعادت حيتان البحر مستأصَلة الأنياب... صناديق من النار أحرقت ساكنيها... عادت حريتنا المسبيّة مضرجة بدماء أعزائها... ترفع رايات النصر فوق قرابين الفداء... منغرسة في قلوب البيادق من الأعداء... للأيادي السمراء التي عانقت بجهادها عزة السماء في تموز وآب كل تحية وكل سلام.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع