الشيخ نعيم قاسم
أن تكون مؤمناً بالله تعالى، فلازمُهُ أن تكون على خط الإسلام، قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾. وأن تتقن دينك فيما يجعلك أصيلاً في التزامك، فلازمُهُ أن تتمسَّك بنهج أهل البيت، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما روي عنه: "إني تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"(1). ومن أجل أن تقوم بتكليفك وتتحمَّل مسؤوليتك وتفوز في آخرتك، عليك الاقتداء بإمام الزمان الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ففي الحديث: "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية"(2). وهذا ما يستلزم أن تهيئ نفسك لتكون من أصحابه وأنصاره وجنده، أي أن تتَّصف بصفات تجعلك في هذا المقام. فإذا وفَّقك الله تعالى للقائه، جاهدتَ بإمرته وتحت لوائه، ليعمَّ الإسلام الأرضَ. وإذا متَّ قبل ذلك، فُزتَ بسلوكك هذه الطريق، وباقتدائك بوليِّ الأمر الأعظم في غيبته.
* صفات أصحاب القائم
عن عمار الساباطي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جُعلتُ فداك، فما ترى أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحق، ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضلُ أعمالاً من أصحاب دولة الحق والعدل؟ فقال عليه السلام: "سبحان الله، أما تحبون أن يُظهرَ الله تبارك وتعالى الحقَّ والعدلَ في البلاد، ويجمعَ اللهُ الكلمة، ويؤلفَ الله بين قلوبٍ مختلفة، ولا يعصون الله عزَّ وجلَّ في أرضه، وتُقامَ حدوده في خلقه، ويردَّ اللهُ الحقَّ إلى أهله فيظهر، حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحدٍ من الخلق؟! أما والله، يا عمار، لا يموتُ منكم ميِّتٌ على الحال التي أنتم عليها، إلاَّ كان أفضل عند الله من كثيرٍ من شهداء بدر وأحد، فأبشروا"(3).
اختار الله تعالى لنا منهج الإسلام لنعيش الحياة الطاهرة في هذه الدنيا، ولنُمسك زمام أنفسنا فنقودها إلى المعروف وننهاها عن المنكر. ولهذه الطريق خطوات نسلكها، وأي انحرافٍ عن هذه الخطوات يُبعدنا عن هذه الطريق. وقد أوضح لنا الإسلام كل شيء، وصرَّح بما يريده منّا، وما يقبله الله تعالى من إيماننا وأعمالنا. فإذا أردنا الطمأنينة والعزة والنصر والفوز وسعادة الدنيا وثواب الآخرة، علينا بالاجتهاد لنكون من أصحاب الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، أولئك الذين يتميزون بصفات الإسلام المحمدي الأصيل. عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال ذات يوم: "ألا أُخبركم بما لا يقبل الله عزَّ وجلَّ من العباد عملاً إلاَّ به؟ فقلتُ: بلى. فقال: شهادة أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً عبده، والإقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا، والتسليم لهم، والورع والاجتهاد والطمأنينة، والانتظار للقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف. ثم قال: من سرَّه أن يكون من أصحاب القائم، فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات، وقام القائم بعده، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدُّوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة"(4).
* اعمل لتكون من جنده
لا تتعب نفسك بالبحث عن وقت الظهور وعلاماته، فإنَّ له وقتاً لا يعلمه إلاَّ الله تعالى، وسيأتي مسرعاً ومؤثراً ومذهلاً للعالم. ولا تُشغل نفسك بتعداد من يكونون معه من القادة والأتباع، ومن البلدان المختلفة، فهذا ما لا يزيد ولا يُنقص شيئاً، ولا يغير الحقائق التي قدَّرها الله تعالى. بل اعمل على نفسك لتكون من جنده، فهذا ما ينفعك في دنياك وآخرتك. اعمل لتطبيق شريعة الله المقدسة في حياتك، تكن من جند الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. واعمل لتكون مع الجماعة الذين يوالون أولياء الله ويعادون أعداء الله، تكن من أصحاب صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، واعمل ليكون الله تعالى حسيباً ورقيباً عليك، ولا ترجُ غيرَه، وترضَّ بقضائه، وتذكره على كل حال، تكن من حزب الله ومن أنصار صاحب العصر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ. فإذا اخترت قيادته وتعلَّقت به مؤمناً بظهوره، عازماً على نصرته، وفّقك الله تعالى لصفات أهل الطالقان الذين تحدثت عنهم الرواية التالية: روى الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: "له كنزٌ بالطالقان، ما هو بذهب، ولا فضة، ورايةٌ لم تُنشر منذ طويت، ورجالٌ كأنَّ قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبُها شكٌّ في ذات الله، أشدُّ من الحجر، لو حَملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون براياتهم بلدة إلاَّ خرَّبوها، كأنَّ على خيولهم العقبان، يتمسَّحون بسرج الإمام عليه السلام، يطلبون بذلك البركة، ويحفون به، يَقونَهُ بأنفسهم في الحروب، ويَكفونه ما يريد فيهم. رجالٌ لا ينامون الليل، لهم دويٌّ في صلاتهم كدويِّ النحل، يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبانٌ بالليل ليوثٌ بالنهار، هم أطوع له من الأَمَةِ لسيدها، كالمصابيح كأنَّ قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يُقتلوا في سبيل الله، شعارهم: يا لثارات الحسين، إذا ساروا، يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلى المولى إرسالاً، بهم ينصرُ الله إمام الحق"(5).
فإذا ما وجدتم انتشار الفساد ومراراته، واعتداء الطغاة والظلمة على المؤمنين، وإذا ما أرعبكم اجتماع الكفر الدولي عليكم، وامتلاكه لأسباب القوة والسيطرة، وإذا ما عشتم قلقاً من تمادي المنكر ومحاولاته المتكررة لتخريب بيوتكم وعقول أبنائكم... فاعلموا أنَّ مع العسر يسراً، ومع الضيق الفرج، ومع الانتظار الظهور، فاصبروا وصابروا ورابطوا، فإنكم إلى خيرٍ وفوز. عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام: "إنَّ الله عزَّ وجل يُلقي في قلوب شيعتنا الرعب، فإذا قام قائمنا وظهر مهدينا، كان الرجلُ أجرأ من ليث، وأمضى من سنان"(6). فهنيئاً لمن أعدَّ نفسه ليكون من أصحاب الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
(1) الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام، ص68.
(2) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج20، ص287.
(3) الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص334 و335.
(4) الشيخ النعماني، كتاب الغيبة، ص307.
(5) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص307 و308.
(6) الإربلي، كشف الغمة، ج2، ص345.