الشيخ علي حجازي
* تعريف المضاربة:
المضاربة عقد واقع بين شخصين، على أن يكون رأس المال في التجارة من أحدهما، والعمل من الآخر. ولو حصل ربح يكون بينهما بحسب اتّفاقهما.
* المضاربة بالمال:
يشترط أن تكون المضاربة بما يصدق عليه أنّه مال عرفاً، فلا تصحّ المضاربة بالسلع والبضائع وما شاكل. فمن دفع طحيناً لآخر مثلاً ليتاجر به مضاربة، لا يصحّ؛ لأنّ الطحين سلعة وليس ما يصدق عليه المال عرفاً، مع كون الطحين له ماليّة، فهذا غير كافٍ في المضاربة، فتقع باطلة.
* اختصاص المضاربة بالتجارة:
عقد المضاربة يختصّ باستثمار رأس المال في الاتجار به بالبيع والشراء فقط. ولا يصحّ استثمار رأس المال بعنوان المضاربة في مجال الانتاج والتوزيع والخدمات ونحوها. فالمضاربة عقد مختصّ بالتجارة بالمال فقط لا غير، فلو دفع إلى الزارع مالاً ليصرفه في الزراعة ويكون الحاصل بينهما لم يصحّ، ولم تقع مضاربة.
* نموذج باطل:
لنفترض أنّ شركة ما تأخذ الأموال من المستثمرين بعنوان المضاربة، إلاّ أنّ الشركة لا تستثمرها في التجارة، فهذا باطل غير صحيح مهما كان نوع استثمار الشركة ما دام بغير التجارة. وعلى الإخوة والأخوات الانتباه؛ فإنّ بعض الشركات تستثمر أموال البعض تحت عنوان المضاربة بشكل باطل.
* توزيع الربح:
يشترط في المضاربة أن يكون تعيين حصّة الربح لكلٍّ من صاحب المال والعامل بأحد الكسور، من الثلث والربع والنصف وغيرها، فلا تصحّ المضاربة مع تعيين مبلغ محدّد شهريّاً لصاحب المال (كمئة ألف مثلاً) ليكون ربحاً لرأس المال. نعم يجوز لصاحب المال أن يأخذ مبلغاً معيّناً شهريّاً من نسبة الربح العائدة له.
* نموذج باطل:
تقوم بعض الشركات بأخذ الأموال من مستثمرين، على أن تدفع لكلٍّ منهم مبلغاً معيّناً شهريّاً، وهذا باطل، سواء أكانت الشركة تستثمر المال في التجارة أو غيرها. نعم لو لم تكن الشركة تستثمر المال في شيء، فهو من الربا القرضيّ، وهو محرّم وباطل.
* تلف مال المضاربة:
إذا تلف مال المضاربة كلّه أو بعضه ففيه صورتان:
الأولى: إذا لم يكن العامل مفرِّطاً أو متعدّياً، فلا يضمن، لأنّ يده يد أمانة.
الثانية: إذا كان العامل مفرِّطاً أو متعدّياً (كإهماله)، فهو ضامن للتلف.
* الخسارة في التجارة:
إذا تاجر العامل بمال المضاربة فخسر، لا يكون (العامل) ضامناً، بل تكون الخسارة واردة على صاحب المال، وتجبر الخسارة بالربح ما دامت المضاربة باقية. نعم، يجوز لصاحب المال أن يشترط على العامل أنّه على تقدير وقوع الخسارة على المالك أن يشاركه العامل من كيسه بجزء الخسارة أو جميعها، ويصحّ ذلك مع موافقة العامل.
* المضاربة مع البنوك:
المضاربة مع البنوك لا يتحمّل البنك (الذي هو وكيل عن صاحب المال المودع) فيها أيّ خسارة، ولكنّه مع حصول الربح يدفع لصاحب المال نسبة من هذا الربح. وحكم هذه المعاملة يتمّ في صورتين:
الأولى: إذا كانت هذه المعاملة حقيقيّة، ولم يحرز صاحب المال أنّها صوريّة وباطلة لسببٍ ما، فهي صحيحة، والأرباح المدفوعة لصاحب المال حلال له. وعدم تحمّل البنك للخسارة لا يبطل عقد المضاربة.
الثانية: إذا أحرز صاحب المال أنّ المعاملة مع البنك صوريّة غير حقيقيّة، تكون باطلة.
* المضاربة عقد جائز:
المضاربة عقد جائز من الطرفين، بمعنى أنّه يجوز لكلٍّ منهما فسخ عقد المضاربة، سواء أكان ذلك قبل الشروع في العمل أو بعده، قبل حصول الربح أو بعده. نعم يجوز لهما أن يتّفقا على أن لا يفسخ أحدهما أو كلاهما هذا العقد.
* المضاربة ليست قرضاً:
أخذ المال من أحد بشرط أن يُرجع له المبلغ مع زيادة بعد مدّة، لا يندرج تحت عقد المضاربة، بل هو قرض ربويّ محرّم. وأمّا أخذ المال بعنوان المضاربة، فليس اقتراضاً، ولا يصير المال ملكاً للعامل، بل يبقى على ملك صاحبه.
* إقراض العامل:
لا يجوز للعامل إقراض شيء من مال المضاربة إلاّ بإذن صاحب المال. فإن أذن، جاز الاقراض. وإن لم يأذن، لم يجز.
* المضاربة ضمن المضاربة:
لا يجوز للعامل دفع مال المضاربة إلى الغير بعنوان المضاربة إلاّ بإذن صاحب المال. نعم يجوز للعامل أن يتاجر بأموال عدّة أشخاص، بشرط أن لا يخلط مال واحد في مال الآخر إلاّ برضاهما.
* هروب العامل مع وجود الضامن:
دفع صاحب المال ماله إلى شخص ليتاجر به، وذلك بعد أن تكفّل (ضمن) شخص ثالث العاملَ، وبما أنّ هذا التكفّل (الضمان) صحيح شرعاً، فلو هرب العامل بالمال المأخوذ بعنوان رأس مال المضاربة، جاز لصاحب المال الرجوع إلى الكفيل (الضامن) لأخذ العوض منه.