مع الإمام الخامنئي | احفظوا أثر الشهداء* لماذا غاب الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف حتّى الآن؟ فقه الولي | من أحكام الإرث (1) آداب وسنن | تودّدوا إلى المساكين مفاتيح الحياة | أفضل الصدقة: سقاية الماء* على طريق القدس | مجاهدون مُقَرَّبُونَ احذر عدوك | هجمات إلكترونيّة... دون نقرة (1) (Zero Click) الشهيد السيّد رئيسي: أرعبتم الصهاينة* تاريخ الشيعة | عاشوراء في بعلبك: من السرّيّة إلى العلنيّة الشهيد على طريق القدس المُربّي خضر سليم عبود

قصة العدد: عودة الغالي‏

سلوى صعب

 



وأخيراً سيعود... لقد تأكد الأمر، هكذا أخبرها وفدٌ من رفاقه زارها للتو، وهم بانتظارها في الخارج لتذهب إليه، لقد طالت غيبته، سنتان مرتا وهي تنتظر هذه اللحظة وتعدّ لها.. تتذكر آخر مرة رأته فيها، يومها أتاها باكراً. أعد ركوة القهوة بنفسه، وجلس قبالتها يرتشف قهوته في الشرفة المطلة على حقل الزيتون، وكان ينظر تارة إلى الحقول البعيدة وتارة إليها. كان مرحاً رغم شي‏ء من الغرابة أحست به في نظراته المتأملة وجهها. أنهى فنجانه، وانحنى على ركبتيه أمامها محتضناً يديها، أمسكهما بقوة ومرّغ بهما وجهه ثم قبّلهما قبلة طويلة. أحست بأن قلبها يكاد ينفطر. مسحت على رأسه داعية له بالتوفيق والسلامة، ثم قام وغادر واعداً إياها بالعودة بعد أسبوع، إذا شاء الله. وشاء الله تعالى أمراً كان مفعولاً، فبعد أسبوعين من رحيله أتاها الخبر:

"لقد قضى شهيداً في عملية للمقاومة ضد العدو الإسرائيلي". وسط الدموع زغردت، هذه طريقه التي اختارها فهنيئاً له. متى ستحضرون جسده؟ سألت، لم تجد جواباً سوى الصمت. سألتُ متى سأُلقي عليه النظرة الأخيرة؟ متى سيكون التشييع؟ وبعد صمت حسبته طال دهراً، أتى الجواب: لقد وقعت جثته في الأسر. صرخت بألم مكتوم، وشعرت بأن سكيناً انغرست في صدرها. لقد باركت حقاً استشهاده وشعرت بالفخر في اللحظة التي عرفت فيها الخبر، فقد نال مبتغاه في هذه الحياة الفانية. أما أن تقع جثته في الأسر، فهذا ما لم تستطع تحمل وقعه. رغم ذلك احتسبت أمرها عند باريها واعتصمت في دارها منتظرة فرجاً لا بد آت، يجمعها به من جديد. لم تقم للحزن مأتماً، وتعايشت مع فكرة أنه مسافر وسيعود يوماً ما. وكانت سلوتها رؤى كانت تراها في منامها: تارة تراه آتياً نحوها مخترقاً حقل الزيتون، يغيب خلف شجرة ليطل أمام أخرى وابتسامة عذبة ترتسم على وجهه، ويكاد يصل ولكنه لا يصل، ويختفي خلف الزيتونة العتيقة الرابضة أمام الشرفة... وتارة أخرى يأتيها على صهوة جواد يسابق الريح، يمر أمامها كلمح البصر ويختفي في الأفق. وتتكرر الرؤى متشابهة، يدنو كطائر مهاجر ثم يغادر دون كلمة.

الأسبوع الماضي رأته آتياً عبر حقل الزيتون، وللمرة الأولى قطف زهرة بنفسج من حوض الزهور وصعد إلى الشرفة، قدم لها الزهرة ورشف معها فنجان قهوة، أرادها حلوة على غير عادته وأمسك بيديها واحتضنهما بقوة. استبشرت خيراً بهذه الرؤيا وأيقنت بأن اللقاء بات قريباً. وها هي اليوم تتلقى البشرى: لقد عاد وآخرين من رفاقه، فئة ما زالت الحياة تنبض عزاً في أجسادهم، وفئة أخرى تنبض أرواحهم حياة عند ربهم يرزقون. لقد عاد الجميع ضمن صفقة تبادل لأشلاء جنود صهاينة كانت لدى المقاومة.

عادوا والوطن يحتفي بهم نصراً تلو نصر. خرجت من الدار. كان رفاقه بانتظارها. وانطلقت معهم إلى حيث لقاء الأحبة، وهناك انحنت على جثمانه تلثمه وتحنو عليه، ثم أخرجت من بين ثنايا ثوبها باقة بنفسج: هنيئاً لي شهادتك يا قرة عيني... يا ولدي الغالي. قالت... ... ووضعت الباقة على الجثمان وقامت مزغردة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع