مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

جمعية المحبة والإخاء للمكفوفين‏

مكفوفون يضيئون دروبهم وسط سراديب العتمة

تحقيق: ليندا زراقط


إن انعدام البصر هو إحدى الإعاقات التي تصيب الإنسان ويقابلها نور البصيرة وذكاء العقول. هذا هو الشعار الذي تتبناه جمعية المحبة والإخاء خصوصاً أنَّ القائمين على أعمالها والمنتسبين إليها، بعضهم من ضعاف البصر وآخرون من المكفوفين لكنهم أصحاب بصيرة نافذة وذوو طموح وبعضهم طلبة في الجامعة ومتفوقون. وتدهشنا قدرة هؤلاء المكفوفين على استخدام الحاسب الآلي، وبل دخول الإنترنت وقراءة المواقع. كل ذلك اعتماداً على اللمس والسمع باستخدام برنامج ناطق اسمه (jaws). ويستخدمون برنامجاً سمعياً لقراءة الرسائل والأرقام التي ترسل بالهاتف ويقومون بالرّد عليها. البسمة لا تفارق وجوههم رغم غياب نعمة البصر، ويصنعون حكايات وسط سراديب العتمة.

* التأسيس‏
إن اسم جمعية المحبة والإخاء اسم عزيز على آذان المكفوفين باعتبارها مؤسسة خيرية خدماتية مطلبية تهدف إلى رعاية شؤون المكفوفين من جميع النواحي: التعليمية، النفسية، القانونية، المهنية، والصحية. حيث يقدّر عدد المنتسبين إليها ما يفوق ال(70) عدا المنتفعين من خدماتها. إن الجمعية انطلقت من قضية المكفوفين أنفسهم وإحساسهم بالتهميش وبأنهم مغيبون، حيث انصبّ تفكير البعض منهم على إيجاد بيئة للعناية بهم، فتأسست الجمعية عام 2003 وحصلت على علم وخبر رقم 57.أد عام 2005. وهي جمعية غير حكومية تعتمد في مسألة التمويل على دعم بعض القطاعات الخاصة والحقوق الشرعية.

* أهداف وغايات الجمعية
1- العمل على تأمين فرص الحياة الكريمة للمكفوف ومساعدته على بناء أسرة.
2- إقرار الحقوق والخدمات الأساسية للمكفوفين.
3- توفير فرص ثقافية وفنية وفرص عمل ودمج المكفوفين في سوق العمل.
4 -توثيق أواصر التعاون بين المكفوفين.
5- العمل على تذليل العقبات والصعوبات التي تواجه المكفوفين.
6- تنمية وتطوير قدرات الكفيف في مختلف المجالات.
7 -متابعة الطالب الكفيف في مجالات التعلم.
8- إستثارة الوعي الأسري والمجتمعي في كيفية التعامل مع الكفيف.
9- مساعدة الكفيف على الحركة والتنقل بالاعتماد الذاتي.
10- تأهيل المكفوفين: اجتماعياً، علمياً وعملياً.
11- تعزيز التواصل بين المكفوفين وشرائح المجتمع كافة، لإبراز طاقاتهم وتوظيفها في المكان المناسب.

وانطلاقاً من أهداف التأسيس المشار إليها آنفاً، فقد سارت الجمعية في خطين متوازيين وهما مجال التثقيف ومجال التشغيل والعمل. وقد أنجزت لغاية الآن العديد من أهدافها. وخير مثال حي، بعض المكفوفين الذي خاضوا غمار تجربة قراءة العزاء وغيرها من المجالات.

* لجان الجمعية
لجنة العلاقات العامة: من أهم أنشطتها التعريف بالجمعية وأنشطتها وبرامجها للمكفوفين، وتسهيل البيانات والمعلومات المتعلقة بالجمعية وإصدار النشرات الإعلامية.
اللجنة الثقافية: تهتم بتنشيط الحركة الثقافية والأدبية في الجمعية، وتعليم القراءة والكتابة بطريقة بريل. ومن أنشطتها: إنتاج مجموعة من الأقراص المدمجة التي تتناول مجموعات المناهج الدراسية للطلبة المكفوفين.
المشاركة في المعارض الثقافية، سواء التي تنظم داخل الجمعية أو خارجها.
اللجنة الإجتماعية: من أهم أنشطتها توثيق العلاقات والروابط الإجتماعية بين الأعضاء والتعارف فيما بينهم، ودمجهم في المجتمع وأفراده ومؤسساته.
اللجنة الثقافية الدينية: ومن أهم أنشطتها: نشر الوعي الديني وترسيخه في أذهان المكفوفين.
اللجنة الصحية: ومهامها: تأمين الإستشفاء والطبابة والأدوية بشكل مجاني أو شبه مجاني.

* البرامج ومجالات العمل:
تنفذ الجمعية عدة مشاريع وبرامج أهمها:

1- الإبداع الفني‏:
توفر الجمعية فرصة للمكفوفين بمختلف أعمارهم لمتابعة هواياتهم الفنية. وتوفر مدربين ومدربات لهذا الغرض. وقد أصدرت الجمعية أعمالاً فنية وشعرية ذات مستوى رفيع.

2- مشروع التدريب المهني:
 يعمل على تدريب مجموعة من المكفوفين على مهارات يحتاجها سوق العمل، مثل اللغة الإنجليزية، الكمبيوتر، إدارة التواصل والقيادة.

3- العمل المطلبي والتوعوي:
المطالبة بحقوق المكفوفين والحصول عليها.
إجراء ندوات وحلقات حوار في الثقافة الصحية والنفسية وفي غير ذلك من مواضيع.
عقد دورات ثقافية ودينية.

4- التربية والتعليم:
تعليم بريل للمكفوفين ولجميع الأعمار، إعداد وتأهيل المكفوفين للتعامل مع الحاسوب، وعقد دورات مختلفة ومتنوعة على نظم وبرامج الحاسوب ولا سيما برنامج "الحاسوب الناطق". تسجيل المقررات الجامعية للطلاب على (أقراص مدمجة) وفقاً لبرنامج "الحاسوب الناطق". دورات في تعليم الموسيقى والفنون ودورات في قراءة العزاء.

5- الأنشطة اللامنهجية والترفيهية:
تنظيم نشاطات فنية، حيث تقوم الجمعية بتنظيم رحلات ترفيهية. وقد أُسست فرقة موسيقى وإنشاد خاصة بالجمعية. كما نظمت الجمعية رحلات ترفيهية إلى العديد من المناطق اللبنانية وإلى العتبات المقدسة في (سوريا) وفي طليعتها مقام السيدة زينب عليها السلام. وقد أقامت في شهر رمضان الفائت إفطاراً مركزياً برعاية سماحة الشيخ عبد الكريم عبيد.

* العوائق:
عدم تعاون المؤسسات الرسمية والإعلامية وعدم تناول مشكلات المكفوفين بشكل جدّي، ونقص الأطر التعليمية التي تختص بهم. كما هناك مشاكل أخرى، فالكفيف يعاني مثلاً من مشاكل التوظيف والحصول على فرص عمل.

* خدمات الجمعية:
وتتعدد الخدمات التي تقدمها الجمعية، ومن بينها: برنامج الزيارات المنزلية التي جاءت من أصل التواصل مع المكفوفين، وذلك لتقديم خدمة متكاملة بشقيها الأساسيين الصحي والإجتماعي، حيث تعمل على توفير العلاج المجاني أو شبه المجاني للمكفوفين الذين لا يملكون تأميناً صحياً، وقد تمتد هذه الخدمة إلى أسرة الكفيف وتأمين الأدوية أيضاً بشكل مجاني.

* رؤية الجمعية:
أبواب الجمعية مفتوحة أمام كل شخص يتمتع بسيرة حسنة وسمعة طيبة عضواً فيها، إذا ما تقدم إلى هيئتها الإدارية بطلب يوضح رغبته في ذلك. كما أنها على استعداد لمدّ يد العون والمساعدة لغير الأعضاء من الجمعية في كثير من الحالات. وتتطلع الجمعية إلى إنشاء مكتبة تضم العديد من الكتب التي تخدم ميول الكفيف، وتقدم له العون في كل مجالات أبحاثه بالصوت وبالخط البارز (طريقة بريل) وتوسيع المطبعة لاستيعاب التقنيات الحديثة، لتوفير المزيد من المطبوعات الثقافية بطريقة بريل، وتحويل الكتب المدرسية إلى كتب مطبوعة بطريقة بريل. وفي لقاء مع رئيس الجمعية الشيخ علي سلمان وهو من أصحاب القضية ، قال: تهدف الجمعية بالأساس إلى رعاية شؤون المكفوفين من جميع النواحي، حيث نتابع المكفوفين، ونسعى لتوفير وسائل التعليم لهم. فليس كل المكفوفين سواء، فبعضهم يرى ولكن بحاجة إلى أدوات معينة يزوّد بها في مدرسته، مثل أدوات تكبير وغيرها (عدسات مكبرة).

وبعضهم مشكلته أكبر، فيحتاج إلى كتب مطبوعة بطريقة بريل. وهذا ما تصبو الجمعية إلى تأمينه. وتقوم الجمعية بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات بتوفير ما يلزم. وإن الجمعية تهدف إلى تغيير نظرة المجتمع الخاطئة للكفيف، فهو قادر على الإنتاج والإبداع والمساهمة في تنمية المجتمع. ومتابعتنا لهم ليست من جهة الجانب التعليمي فقط، بل نهدف أيضاً إلى الحصول على الحقوق المدنية وتوفير المشاريع التي تمكّن الكفيف من العمل حتى يشعر بالأمن الإقتصادي. وأكد الشيخ سلمان: أن الجمعية تسعى لزرع ثقة المكفوفين بأنفسهم، حتى يعتمدوا على ذواتهم. فنحن نساعدهم على أن يخوضوا الحياة ويحققوا الإستقلالية. ويشار إلى أن الجمعية تنشط في العديد من المجالات وتنظم أنشطة متعددة، وقد قامت بالعديد من الإنجازات وكانت السباقة في مجالها. ويستطرد قائلاً: والكفيف الذي تؤهله وتخرجه من زوايا العتمة من عالم وجو حزين، منطوياً على نفسه بعد أن فقد نعمة البصر، تؤهله ليخرج ويشارك في البذل والعطاء، ويخدم نفسه والآخرين. وإن من الإهتمامات الأولى للجمعية، أن تجعل الكفيف يعتمد على نفسه. ويسهم في صنع التقدم على أرض الوطن وتجعله يستمتع بكل مظاهر الحياة كالمبصرين تماماً.

وأضاف: كما أن الجمعية تعمل على التنسيق مع بعض القطاعات الخاصة لتقديم خدمات أفضل، ولعل أهم من احتضن القضية وتبناها هو "حزب الله". وطالب الشيخ سلمان المجتمع أن يمدّ يد الدعم والمساعدة للجمعية ونشاطاتها من أجل توفير الوسائل في شتى المجالات، وأطلق صرخة عميقة طالب فيها المسؤولين بتطبيق القانون 220 2000 والنظر بشأن البند الذي يمنع بعض الشركات من إدخال المكفوفين إلى سوق العمل بحجّة عدم توفر التقنيات.

* مكفوف... ولكن طموح‏
وأثناء تجولنا في أرجاء الجمعية، التقينا "حسن البزال" (22 عاماً) أحد ضعاف البصر (مكفوف جزئي) المنتسبين والمستفيدين من خدمات الجمعية، والذي قابلنا بابتسامة عريضة قائلاً: "إنني أعبر عن امتناني للجمعية التي قدمت لي خدمات وتسهيلات عديدة. وهي تشعر بمعاناتنا أكثر من غيرها بما أنها صاحبة قضية. وإن هذه المؤسسة حملت على عاتقها الاهتمام بالكفيف ورعايته وتقديم التسهيلات الملائمة، من حيث الوقاية الطبية والتأهيل المهني والإجتماعي، وتخطو نحو تحقيق الأهداف بالإصرار والمثابرة، بالرغم من امكانياتها المحدودة. وأقدم شكري وامتناني إلى كل من تعاون معنا. وأنا الآن في مرحلة الجدارة قسم علوم اجتماعية وأطمح للوصول إلى مراتب ومراحل أعلى إن شاء الله".

* دعوة للمشاركة
قد يرى البعض منا أن المكفوف قد حكم عليه بالصمت لعدم قدرته على استثمار قدراته لعدم الرؤية الفيزيائية، وهذا اعتقاد خاطى‏ء وظلم واضح للكفيف. فهو قادر على المساهمة الفاعلة والإيجابية إذا أعطيناه الفرصة الكافية لاستخدام هذه القدرات، لا سيما أن المكفوفين هم فعلاً من المبدعين في مجالاتهم، فترى منهم الشاعر والمعلم والمترجم الذي يجيد أكثر من لغة عالمية، ومنهم من يحمل أعلى الشهادات العلمية. لذا على المجتمع أن يعطي المكفوف فرصة للتعبير عن قدراته، وأن يقدم له الدعم الكامل مادياً ومعنوياً في مساعدته على توظيف هذه القدرات بالطريقة الصحيحة. وهنيئاً لمن رسم ابتسامة على شفاه أرهقتها الإعاقة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع