أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

تسابيح شهادة: والله ما عرفناك‏

ولاء إبراهيم حمود

 



إليها؛ هذه الكلمات التي لا أملك سواها، بعد اثنتين وعشرين سنة مضت، على دمعتين انحدرتا أمامي، من عينيها العصيَّتين على الدمع، تبكيان ألم ترحاله. والآن وبعد استشهاده، أوقن أنها كانت تسبقني برؤية "عماد" شهيداً، سيوقد من صقيع غربته، دمه؛ دفئاً لغربة هذا الوطن، زيتاً لقناديل معابده. ترجَّل عن صهوة غربتك؛ فغربتي تنوء بأثقالها... وأحزاني بحرٌ يغرق في بحر أحزانك، بعد انحسارِ مدِّ الانتظار. يا غريب الديار... مثواك قلبي... باردٌ ذاك الليل دون مواويل الوداع... وقلبي مواقد جمرٍ منسي، يعبر أرصفة العواصم.

ما عرفتك مرافئ البعد... ما أدركتك مواسم الهجرة... وعنَّا رحلت دون مناديل الفجيعة... واحداً منَّا... وحيداً لدينا وما عرفناك. لم يعرفك سوى التراب الذي تيَمَّمْتَ به صعيداً طيباً في احتدام الملاحم... لم يواصلْك سوى حنين الأرض الذي ارتوى حُباً من قطرات سجودِك... لم تلامِسْك إلا دموع السماء التي ما همت إلاَّ لتغسل عنك تعبك، ولأجلك روت أزاهير الحقول التي رَشَّتِ العطر، أذاناً لصلاتك... ما أدركتك سوى تسابيح الوردةِ التي لامستها يوماً يداك، فاشتعلت على خجلٍ أشواقها... لمْ يشابهْكَ سوى القمر الذي ينثر على ظلال الروابي فتات شعاعه فقد استطعتَ فكَّ اسارِه، فأشرق أمام سراة الدرب بعدك... عتم الطريقِ. لم تنتظرك سوى الشجرة العتيقة التي ظلَّلَتْكَ يوماً فتشبثت بمنبتها، بحبك الأجمل... حب الله. ما عرفتك سوى الأعشاب الطالعة بين صدوع الصخر، ومفاصل الوعرِ... الذي ألانت صلابته حرارة جهادك... فتلك ارتوت من ندى عينيك في ليالي الدعاء... وتلك آنستها زمناً تواقيع خطاك.

ما أتعبتك سوى حقائب الأطفال على دروس المدارس التي أعدَدتها مصانع رجالٍ مشوا للبطولات "أعمدة" فانحنت أمامها قمم الجبال... ما غنَّتك إلاَّ البلابل، ترافق صبحك الطالع من نجوم أسفارك... تعزف لأبنائنا ترانيم الحياة. ما غازلتك إلا الشمس، توافيك قبل أوان اللقاء.. على مفارق المغيب البعيدة... على أمل الوصال... ما عرفتك إلا الريح، تواجهها، تواجهك؛ فتنكفئ أمام اعصار إيمانك، يكتب لنا ألفباء الجهاد، وتعجز عن محوها تلك الرياح. والله ما عرفناك... علامَ أسرجت باكراً خيول الفراق... مريرٌ صهيل أحزان جراحك ومعها ودونها... لن نعرفك... من كان مثلك يا عماد.. يأوي إليه غرباء المنافي... تلوذ بدفئه أشواق الحياة... لسحر الكرامة ووجع القيامة ولو من رماد... من كان مثلك يا عماد لن يعرفه إلا الله ورسوله... وخاصَّة أوليائه... وبعضٌ من رجاله. بلى: ودمعتان سَكَبَتْهُما يوماً قبل زمان الرحيل عينا أُمٍ، ما عرفك حقاً سواها.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع