أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الحاج عماد.. في البحث عن بدايات العظمة

الحاج رضوان في جنان الله
السيد عبَّاس نور الدين‏


لا شك بأن الشهادة مقام سَنِيٌّ ومنزلة رفيعة في ثقافتنا الإسلامية الأصيلة.. لا بل يمكن عدّها هدفاً نهائياً لمسيرة الإنسان في الحياة الدنيا. ولطالما ذُكر الشهداء إلى جانب الأنبياء الذين بلغوا القمة في الكمال الإنساني. وعند الحديث عن الشهيد القائد عماد مغنية، يصعب أن نعزل فعل شهادته عن بقية إنجازاته التي سيبقى الكثير منها من الأسرار، كما هو حال أولي العزم من الشهداء. لهذا، ولأن الشهادة إنجاز عظيم، لكنه محفوف بالأسرار، يبقى الشوق في نفوس الباحثين لمعرفة بعض أبعاده. لقد كان للشهيد القائد إنجازات يمكن أن توصف بحق أنها انجازات أمة في رجل واحد. لكن أعظم إنجازاته على ما ظهر كان عطاء الشهادة. وكأن الحاج عماد أبى إلا أن يجعل كل عطاءاته محفوفة بالسرية.

لقد تركت فينا أيها الشهيد سراً عظيماً سنبقى لسنوات باحثين عنه. لكن روح هذا السر تسري في كل حر أبي منّا. أولئك الذين أنعم الله عليهم يرون الشهادة أعظم الأماني. تصغر عندها كل التقديمات والتضحيات لما عرفوه من مقام الشهيد عند ربّه. لم يكن المداد وحده ما أرسى دعائم ثقافة الشهادة بين المجاهدين الشرفاء، بل كان الدم الطاهر الهادر للشهداء يسري في شرايين الأحرار، من قضى نحبه منهم ومن ينتظر. فكتبت الشهادة لهذا الشعب الوفي أسطر حياة.. وفي البداية كان الأثر الكبير للشهادة هيهات؛ وصار بعدها رمز حياة.. حياة لا زلنا نختبر بعضها.. حياة لا تحسبن فيها موتاً.. وكان للشهداء بحسب امتداد شهرتهم بين الناس شعاع يضي‏ء بنور الإباء والحياة. فمنهم من امتد شعاعه إلى أسرته والعشيرة.. ومنهم من تجاوز ذلك إلى الحي القريب أو القطاع الكبير.. هذا وإن كانت دماؤهم في النهاية امتزجت وشكلت ذلك السيل الواحد النافث في الأمة هذه الحياة.

وأعجب ما في شهادة الحاج عماد أنها تجاوزت حدود الشهرة الطبيعية. فلقد كان في حياته الدنيا ذلك المجاهد المجهول عن أكثر الناس، ثم صار الشهيد المشهور عند كل الناس! ولعل أهم ما في شهادة الحاج الألمعي هو أنه أعاد إلى أذهان وقلوب الكثيرين معنى العظمة والبطولة الواقعية، وثبّت في النفوس أن الأبطال العظماء لم ينقرضوا.

الحياة التي يبثها الشهيد في جسم أمته تتجلى تارة بالإباء والعزة، وطوراً بالوعي والمعرفة، وثالثة بالروح والمعنى. لكن شهادة الحاج عماد امتدت إلى آفاق البطولة والعظمة. فقد اطّلع شعبنا ولأول مرة بهذه الكيفية على رجل انطلق من عمق التاريخ المزين بالأبطال النادرين الذين ظننا أنهم مجرد أسطورة. وكان ذلك في زمن يأبى هؤلاء الأبطال أن يُعرفوا فيه، فأبت شهادتهم إلا أن تظهر بعض بطولاتهم ليتحولوا بذلك إلى مدرسة صناعة الأبطال. هذا وقد كان القليل من بطولاتك أيها الحاج كفيلاً بأن يُحدث موجاً من الاندفاع والحماسة نحو المجد والعظمة عظمة البطولة، والشجاعة الفائقة، والقيادة الاستراتيجية، والتدبير العميق الذي حملك إلى مصاف القوى العظمى. فلم تعد تقارع حزباً أو فئة أو دولة صغيرة، بل قوة عظمى كأمريكا الشيطانية. وعندما أذنت لنا شهادتك أن نتحدث عنك ولأول مرة، أو نقدم للأجيال والتائقين لمعرفة سر عظمتك المقدسة شذرة: رجعنا معك إلى الماضي البعيد، إلى بدايات العظمة، إلى الطفولة حيث كنت تعيش سرّك الأول مع ربك، مما لا يمكن أن يفهم أقرانك حينها منه شيئاً. هناك عندما عمدت إلى شراء طلاء لمسجد قريتك من أول راتب تقبضه من عرق جبينك وأنت لم تناهز الثانية عشرة من عمرك. صرفته كله لا كما يفعل الأطفال. فلم تشترِ ثياباً للشتاء أو لعباً أو بعض طعام. أحببت أن تبدأ حياتك في عمارة بيت الله بيديك الشريفتين، وكما صرت بعدها مبادراً وحيداً في أكثر طريقك، تحقق إنجازات الكثيرين لوحدك. كأنك كنت تعرف منذ ذلك الزمن الغابر أن بداية المسير من الله وإلى الله.. ولأنك بدأت حياتك لله، فقد جعل الله حياتك صورة شعب سيحقق أعظم البطولات..

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع