أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أوّل الكلام‏: ثقافة الحياة.. الوصل وصل بأمة الشهداء

الشيخ يوسف سرور


ترتاح النفوس إلى الأمور التي تدفع بها باتجاه غاياتها، وتستأنس القلوب إلى ما يبعث فيها مشاعر الغبطة والفرح، إذ إن الأطفال لا يريدون أن يروا ما لا يسرهم، ولا يحبون أن يسمعوا ما يغضبهم، ولا يرضون أن يواجه أحلامهم العوائق والعراقيل، حاسبين أنها كوابيس مزعجة، فيلجأ الكبار عند حصولها إلى التربيت على أكتافهم، وسقيهم شيئاً من الماء، وإذا لزم الأمر أن يقوموا باحتضانهم ومعانقتهم، وحتى أن يكيلوا السباب والشتائم لذلك الغول الذي تسبب بإرعابهم، أو لذلك الجني الذي أخاف هؤلاء الأطفال.

وقد يلجأ هؤلاء الكبار أحياناً إلى تهديد هذا الغول المزعوم، والوعيد بتحطيم جمجمته إذا عاد ثانية إلى مثل فعلته. وإمعاناً ومضياً في طمأنة الأطفال واسترضاء خواطرهم، ومحاولة لتخليص هؤلاء الأطفال من آثار هذه الكوابيس، يعمد هؤلاء الكبار إلى مديح الأطفال وبث الكلمات التي تبعث فيهم ثقتهم بأنفسهم، وتحفزهم على الشجاعة وامتلاك الجرأة على مواجهة الكوابيس. وهنا، ومن أجل ضمان النتائج، يحاول الكبار التخفيف من صورة الغول واضعاف مكانته أمام هؤلاء الصغار الأطفال ، في محاولة للتقليل من حجم الخوف والاضطراب الناشئ عند الأطفال.. وأحياناً عندهم.  وعندما يجد الكبار أن الأمر لم ينفع، وأن كل تلك العلاجات لم تنجع... يسعى إلى استعراض قوته.. أو بعضٍ من قوته، يستحضر ما أمكنه من خلف البحار، ومن الحواضر، ليهدئ من روع الأطفال، وليخيف ما يزعمه غولاً أو يحسبه جنياً، عندما يسمع الأطفال هذا الزعيق من كبارهم، ويرون هذه العراضات من قوتهم، تنبعث في نفوسهم الآمال من جديد، وتتداعى إلى حلومهم الطموحات في امتلاك سلطان البلاد والتحكم برقاب العباد. تنقلب الأمور بقدرة قادر.. غير قادر.. وتتبدل النفوس بسحر ساحر.. يلتئم محفل الصغار، مستشعراً حضوره نشوة القوة والاقتدار.. حالماً عما قريب بسحق قوى الاعتراض، وبتحقيق أعرض انتصار. هذا التغرير الممجوج بأطفال البرّية، هو دعوة صريحة لهم إلى حفر قبورهم بأيديهم..

 تداعى الصغار إلى محفل شهد كل الوجوه البائسة.. التي ينبئ فاقع اصفرارها عن استيطان اليأس في أعماق أعماقها.. تمخض المحفل عن ثقافة موسومة بهتاناً بثقافة الوصل.. ضاقت على البائسين البلاد بما رحبت، فيمموا وجوههم ناحية الغرب، يستجدون بخنوعهم وتداعي بنيانهم وصلاً مع من يدّعون الحياة حصراً، وأنهم يملكون ثقافة الحياة.. حصراً.. حصرت نفوسهم واعتادوا إثارة عواصف في الميادين الصغيرة.. رافعين العناوين الكبيرة.. لكن، إن يثيرون إلا غبار آلامهم.. وينثرون رذاذ أحلامهم زبداً فوق السيل الهادر.. القادم من جوف هذه الأرض المثقلة بطهر الأنبياء.. الممتزج ماؤها بدماء الأطهار من الشهداء.. ليجرف كل هؤلاء.. ويبدد آمالهم ويطفئ زبد أحلامهم الصبيانية، وليوقظ الأطفال عندنا من أحلامهم الطفولية.. وليعلن.. أن الوصل الحقيقي هو بهذه الأرض وأهلها.. وأن الماء الذي يحيي النفوس العطشى يستسقى من نمير مائها.. وأن العطر الذي يدغدغ القلوب يُستاف من هوائها.. وأن الذي يستحق أن يُركن إليه.. وأن يوصل، هو هذه الأمة التي تزدهي بالكبار من قادتها.. وتقدس أهل الحياة من شهدائها.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع