مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع عماد.. لن يكون لنا إلا أعراس النصر

السيّد حسن نصر الله دام حفظه

 



كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال تشييع الشهيد القائد عماد مغنية (الحاج رضوان):


بسم الله الرحمن الرحيم
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا والشهيد القائد الحاج عماد مغنية (الحاج رضوان) عاهد الله بصدق وانتظر اللقاء بشوق وقضى نحبه شهيداً في أيام شهادة أبي عبد الله الحسين سيد الشهداء.

الحاج عماد حمل دمه على كفه وحمل كفنه على كتفه، منذ كان شاباً في مقتبل العمر، ومضت به السنون. كان يصنع النصر ويطلب الشهادة، وأخيراً وصل، فهنيئاً له هذا الوسام الإلهي الرفيع. الحاج عماد مغنية من بيت كان كله جهاداً وما زال، ولكنه اليوم بات كله شهادة. أتوجه في البداية إلى الحبيبين العزيزين والوالدين الشريفين أبي عماد وأم عماد، بالتبريك والتعزية، وأقول لهما: مبارك هذا الاصطفاء الإلهي لعائلتكما، وبارك الله بصبركما وثباتكما واحتسابكما، وليعرف العالم كله أن هذا البيت الجهادي قدم كل أبنائه شهداء. هناك عائلة تقدم ابنَين، ثلاثة، يكون عندهم ستة شباب، سبعة شباب، كل ما لدى الحاج أبي عماد، جهاد وفؤاد وعماد تقدموا إلى الشهادة الواحد تلو الآخر، فكانت هذه العائلة جديرة بالاصطفاء وبالجهاد وبالشهادة وبالقيادة.


أتوجه إلى زوجته المجاهدة والمضحية والصابرة المحتسبة، إلى بناته وأبنائه المجاهدين، إلى كل أحبائه ورفاقه، وإلى كل إخوانه ورفاقه المجاهدين المقاومين، في لبنان وفلسطين وفي كل أرض فيها لله جهاد ورجال، بالتبريك لنيل أخينا الحبيب وساماً إلهياً عظيماً، وبالتعزية لفقد الأب والعزيز والأخ والمجاهد والقائد. الحاج عماد مغنية من القادة الذين قدموا جهادهم وتعبهم وحياتهم كلها صدقة سر مع الله تعالى. هؤلاء جنود الله المجهولون في الأرض، المعروفون في السماء، لا يدافعون عن أنفسهم، يدافعون عن الأمة والوطن وقضايا الحق، ولا ينتظرون مديحاً، لأنهم مجهولون، ولا يردون تهمة ظالم أو مُدَّعٍ، ولا يدافعون عن أنفسهم، لأنهم لا يرون لأنفسهم وجوداً خارج معركة الإيمان والعطاء والتضحية.

أما بعد شهادة هؤلاء، فحقهم علينا جميعاً أن ننصفهم، أن نكشف للعالم وجوههم المنيرة وحقائقهم الصافية وعطاءاتهم العظيمة. اليوم، حق الحاج عماد مغنية الشهيد على هذه الأمة أن تعرفه، من أجلها لا من أجله. وحقه على الأمة أن تنصفه، من أجلها لا من أجله. وحقه على الأمة أن تستلهم روحه ودرسه وجهاده، من أجلها لا من أجله. فرضوان اليوم في رضوان الله. وكل ما يقال عنه في دار الدنيا من ثناء أو مديح، هو جزء من الدنيا الفانية التي لا تساوي شيئاً في حسابات أهل الآخرة الواصلين.

أيها الإخوة والأخوات، لم تفاجئنا هذه الشهادة المنتظرة منذ 25 عاماً، فنحن جميعاً ننتمي إلى مدرسة أنبياؤها شهداء، وأئمتها شهداء، وقادتها شهداء. ولذلك، نحن اليوم مع شهادة الحاج عماد في سياقنا الطبيعي وفي وضعنا الطبيعي، كما كنا مع شهادة قائدنا وسيدنا وأميننا العام السيد عباس الموسوي، وكما كنا مع شهادة شيخ شهدائنا الشيخ راغب حرب، لأننا في معركة حقيقية، معركة دامية ندافع فيها عن وطننا وشعبنا وأمتنا ومقدساتنا وكراماتنا، في مواجهة كل الاطماع والتهديدات والتحديات والعدوان، الذي تمثله "إسرائيل" وأمريكا وكل الذين يقفون خلفهما. أود أن أؤكد على نقاط عديدة:

أولاً: هم يرون في استشهاد الحاج عماد أي الصهاينة إنجازاً كبيراً، ونحن نرى فيه بشارة عظيمة بالنصر الآتي والحاسم والنهائي إن شاء الله. لنتذكر قليلاً: هكذا كان الحال مع الشيخ راغب، قتلوه فتصاعدت المقاومة وخرجت "إسرائيل" من العاصمة، من الجبل، من البقاع الغربي، ومن أغلب الجنوب باستثناء الشريط المحتل، بفضل دمه الزكي ومقاومته الأبية، وليس بالقرارات الدولية، ولا بالتدخل الدولي الذي لم نره يوماً إلا داعماً للعدو الصهيوني. وهكذا كان الحال مع القائد الشهيد السيد عباس الموسوي، قتلوه وظنوا أن المقاومة ستنهار بقتله، فتصاعدت ورسمت خطها البياني التصاعدي. وبعد سنوات قليلة، خرجت "إسرائيل" مهزومة ذليلة مدحورة في العام 2000، بفعل دمه وبفعل المقاومة التي حملت اسم عباس الموسوي وراية عباس الموسوي، وليس بفعل القرارات الدولية ولا المجتمع الدولي. واليوم قتلوا الأخ القائد الحاج عماد مغنية وهم يظنون أن بقتله ستنهار المقاومة، لكنهم مشتبهون تماماً ومخطئون تماماً، كما أخطأوا في قتل الشيخ راغب، وكما أخطأوا في قتل السيد عباس. من حرب تموز 2006 ذات الصلة الوثيقة بعماد مغنية إلى دم الحاج عماد مغنية في شباط 2008، فليكتب العالم كله وعلى مسؤوليتي يجب أن نؤرخ لمرحلة بدء سقوط دولة "إسرائيل". إذا كان دم الشيخ راغب أخرجهم من أغلب الأرض اللبنانية، إذا كان دم السيد عباس أخرجهم من الشريط المحتل باستثناء مزارع شبعا، فإن دم عماد مغنية سيخرجهم من الوجود إن شاء الله.

ثانياً: ليطمئن كل المحبين والقلقين، وليعرف من جهة أخرى العدو، أنه ارتكب حماقة كبيرة جداً. فأنا بين يدي الحاج عماد، وأمام إخوانه الذين يعرفون كل الحقائق أقول للصديق والعدو: لا وهن ولا ضعف ولا خلل في جسد المقاومة وصفّ المقاومة، إخوة عماد مغنية سيواصلون طريقه ومشروعه وجهاده. لا يعرف الاسرائيلي لأنه ينتمي لثقافة مختلفة أن دم الحاج رضوان يزيدنا قوة وتماسكاً ووحدة وصلابة وحافزاً لمواصلة الطريق، بأفق أوسع وأكبر إن شاء الله. في هذه النقطة، أود أن أقول للعدو قبل الصديق: إن الحاج عماد أنجز مع إخوانه كل عمله، وهو اليوم إذ يرحل شهيداً لم يبق خلفه إلا القليل مما يجب القيام به. منذ انتهاء حرب تموز في 14 آب 2006 الذين كانوا يقاتلون بدأوا يستعدون لحرب قادمة. اليوم حزب الله والمقاومة الإسلامية في أتم الجهوزية لمواجهة أي عدوان محتمل. في الماضي تحدثت عن الصواريخ، ولكنني اليوم سأتحدث عن الشباب، لأن بين يدينا قائد هؤلاء الشباب، وواحداً من كبار قادتهم. فينوغراد يقول إن عدة آلاف من المقاتلين صمدوا لعدة أسابيع أمام جيش "إسرائيل" الذي يعد أقوى جيش في الشرق الأوسط ويعترف بالهزيمة.

 اليوم، بعد أن قتلوا الحاج عماد، فليسمعوني جيداً، في أي حرب مقبلة لن ينتظركم عماد مغنية واحد ولا عدة آلاف من المقاتلين، لقد ترك عماد مغنية لكم خلفه عشرات الآلاف من المقاومين المدربين المجهزين الحاضرين للشهادة. سنواصل المقاومة حتى النصر الكامل إن شاء الله، مهما عظمت التضحيات. إلى الرضوان يا رضوان، أنت العماد وستبقى العماد، وخلفت وراءك الآلاف من أمثالك، من روحك وعقلك وذكائك ونباهتك وصدقك وشجاعتك. مع عماد لن يكون لنا إلا أعراس النصر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع