جاءت النبوة في الأساس، وبُعث النبي لتحطيم قواعد ظلم الأقوياء الذين يظلمون الناس، وتحطيم قواعد قصور الظلم هذه التي ارتفعت أعمدتها من خلال تعب المحرومين والمستضعفين، واستثمار الضعفاء. وجاء الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لتحطيم هذه القصور، والقضاء على قواعد الظلم. ومن جانب آخر، فلأنه كان يستهدف نشر التوحيد، فقد هدم جميع المعابد التي كان يُعبد فيها غير الله، وتُعبد فيها النار، وأطفأ النيران. ماذا عمل موسى بن عمران في حياته؟ ماذا عمل النبي إبراهيم في حياته؟ إنهم (أي الأنبياء) انتفضوا جميعاً بوجه الجور، وقاموا بوجه الظلم. يجب على المسلمين أن يقتدوا بهؤلاء وأن ينتفضوا بوجه الجور والظلم والمنكرات. إن الشعب المسلم يتبع ديناً يتلخص برنامجه في كلمتين هما: لا تَظلمون ولا تُظلمون. إن الذي يتبع الدين الإسلامي، يجب عليه أن يعارض القوى العظمى، ويخلص المظلومين من مخالبها.
* نداء عاشوراء
يجب الوقوف بوجه الظلم. إن عبارة "كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء" هي عبارة كبيرة تُفهم بشكل خطأ. إنهم يتصورون أن معنى تلك العبارة أنه ينبغي البكاء في كل يوم، لكن المحتوى غير ذلك. ماذا فعلت كربلاء؟ وماذا كان دور أرض كربلاء في يوم عاشوراء؟ يجب أن تكون جميع الأراضي كذلك. كان دور كربلاء أن قَدِم سيد الشهداء عليه السلام مع نفر معدود إلى هذه الأرض، ووقفوا أمام ظلم إمبراطور زمانهم، أي يزيد، وضحّوا وقُتلوا، لكنهم لم يقبلوا بالظلم، وهزموا يزيد. يجب أن تكون جميع الأماكن على هذه الشاكلة. يجب أن نشعر بهذا المعنى يومياً وهو أن اليوم عاشوراء، ويجب علينا أن نقف بوجه الظلم، وهنا كربلاء وينبغي أن نقوم بدور كربلاء. فهذا الأمر لا يختص بأرض معينة ولا بقوم معينين. يجب أن يؤدّى هذا الدور في جميع الأراضي وجميع الأيام، وأن لا تغفل الشعوب عن أن عليها الوقوف دوماً بوجه الظلم.
* وجوب الدفاع عن المسلمين
إننا نريد أن يعيش جميع الناس وجميع المسلمين وغير المسلمين في ظل السلم والصلح. ولكن هذا لا يعني أنه لو أراد أحد مهاجمة بيت شخص ما والاعتداء عليه أن نقول له كن مسالماً وارضخ للظلم. كلا، فكما أن الظلم حرام، فإن الرضوخ للظلم حرام أيضاً. إن الدفاع عن أعراض المسلمين وأموالهم وأنفسهم وبلادهم يعدّ أحد الواجبات. إننا مكلفون من الله تبارك وتعالى بمعارضة ومحاربة الظَلمة الذين يريدون تضعيف أساس الإسلام، والقضاء على مصالح المسلمين كلها.
* مصالحة القوى العظمى ظلم للبشرية
إن الذين يعترضون علينا ويقولون لماذا لا تصالحون القوى الفاسدة، إنما ينظرون إلى جميع الأمور بنظرة مادية، ويفسرون الأمور من خلال العين المادية. إنهم لا يعلمون ماذا كان نهج أنبياء الله، كيف كانوا يتعاملون مع الظلم، أو إنهم يعلمون ذلك ولكنهم يتجاهلون. إن مصالحة الظالم تعدّ ظلماً للمظلومين، وإن مصالحة القوى العظمى تعدّ ظلماً للبشرية. إن الذين يطلبون منّا المساومة إما جهلة وإما عملاء. إن مصالحة الظالم تعني إطلاق يده لممارسة الظلم، وهذا يعارض جميع الأنبياء. فلقد سعى الأنبياء العظام بجدّ قدر استطاعتهم لإزالة الظلم عن هذا الإنسان الظالم، بالموعظة وبالنصيحة وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
بعد أن لم تنفع الموعظة ولا النصيحة، لجأوا إلى آخر الدواء "آخر الدواء الكي"؛ السيف هو الدواء الأخير.