الشاعر يوسف سرور
بمناسبة ولادة قمر بني هاشم أبي الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ويوم الجريح:
سِرْنَا على نَغَمِ الدِّمَا نتقدَّمُ |
ولْتَسْكُتِ الأفواهُ إنْ نطقَ الدَّمُ |
أمْلى النَّجيعُ على الوجودِ قصيدةً |
طفقتْ بها سُننُ الدُّنى تترنَّمُ |
وسما الفضاءُ بذكرها، فسعتْ لهُ |
ثُمَّ استمدَّتْ من ضِياها الأنجُمُ |
وتخضَّبتْ قممُ العلاء بعطرها |
ومضتْ تردِّدُها... فلا تتكلَّموا |
لوْ لمْ تكنْ معكمْ لجازَ كلامُكُمْ |
لكنْ بحضْرَتها الكلامُ محرَّمُ! |
وتَمخَّضَ الجُرحُ المُدمَّى، وارتمى |
فوقَ المدامِعِ صارخًا يتألَّمُ |
وبكى ... فأولَدَ للحياةِ مفاخراً |
صارتْ بها شفةُ النُّهى تتبسَّمُ |
ومضى يكبِّرُ في العدى، فيصُدّهمْ |
و"اللهُ أكبرُ" - إنْ تعالَتْ - تهزِمُ |
وسَرى إلى الآفاقِ يسطعُ نورُهُ |
فأتتْ ملائكَةٌ كرامٌ حُوَّمُ |
ضمَّتهُ في شغفٍ تُهدهِدُ روحَه |
والحبُّ نبضٌ للجراح وبلسَمُ |
وفَدَ الجريحُ على الصِّعابِ مجاهداً |
فَفَدَا السَّماءَ بما يجلُّ ويعظُمُ |
ومشى بسيفٍ ذا الفقارِ يعدُّهُ |
ويسنُّ شفرَتَهُ الرَّسولُ الأكرمُ |
ومن الحُسينِ دنا ليشْحَذَ عزمَهُ |
فالسِّبطُ للأحرارِ صوتٌ مُلهِمُ |
وسواعدُ العبَّاسِ شمسٌ أشرقتْ |
بسمائِهِ، فغدا بها يتنعَّمُ |
وعلى الطُّفوفِ بدتْ أكفٌّ قُطِّعتْ |
فمضى إليها مسرعًا يتعلَّمُ |
وتراءتِ الأشلاءُ في أحداقِهِ |
فانْسلَّ يقرعُ بالقَنا مَنْ أجرمُوا |
حتَّى أصيبَ ولمْ تُصَبْ بسْماتُهُ |
وبهِ إلى العلياءِ حبٌّ مُفعمُ |
ودمَاؤُهُ صرَختْ مُردِّدَةً: ألا |
لمْ ترمِهِمْ، إنَّ الإلهَ رماهُمُ! |
للَّهِ دَرُّكَ من عظيمٍ شامخٍ |
ماضٍ على دربِ الهُدى تتقدَّمُ |
وتصيحُ بالهاوي لكَهفِ خُنوعِهِ |
ما لي أراكَ عن الشَّجاعَةِ تُحجِمُ |
وإلى الثَّرى اثَّاقَلْتَ تبغي زهرةَ الـ |
دُّنيا، وتغرقُ بالوعود، وتحلُمُ |
وإذا رأيتَ قوَى العداوةِ أقبلَتْ |
تبغي الفسادَ بأرضنَا، لا تهجُمُ |
هلاّ زرعتَ الرُّوحَ أزهارَ الدِّمَا |
فطريقُ أهلِ الذُّلِّ دربٌ مظلمُ |
أمَّا النَّجيعُ فإنَّهُ شمسُ النُّهى |
يطغى على أفْقِ الإِبَا، ويخيِّمُ |
فينيرُ للأحرارِ دربَ مسيرهم |
ويعلِّمُ الثُّوَّارَ ما لمْ يعلموا! |
أنتَ الشَّهيدُ الحيُّ رمزُ فخارنَا |
ودِماكَ تبدأُ بالخلاصِ، وتختمُ |
ونجيعُكَ القاني بكلِّ بسيطَةٍ |
نصرٌ قريبٌ للأُباةِ مُحتَّمُ |