يمنى المقداد
آية من آيات الله البينات في كتابه الكريم تختصر أهمية دور القرآن في حياة البشر. ولما كان ترسيخ مثل هذا الدور أمانة سامية وصفها الله تعالى بيد أهل الإختصاص والمعرفة، كانت الحاجة ماسة لوجود أم حنون تحتضن هذا الدور الرسالي وترعاه لتربية وتنشئة أجيال تنعم بثقافة القرآن وتنهل من بحر علومه الواسعة. من هنا كانت ولادة جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد (علم وخبر 117 أ.د) بمثابة طوق النجاة لمجتمعنا الإسلامي من براثن جهل الناس بدستور الإسلام والمسلمين، في زمن أقل ما يمكن أن يوصف بأنه "زمن هجرة القرآن". وفي هذا، يستحضرنا قول للإمام الخميني قدس سره، وفيه قال: "إن مشكلة المسلمين الكبرى تتمثل في هجرهم القرآن...". وفيما يلي إطلالة على مسيرة تطور عمل جمعية القرآن الكريم، وعلى دورها في نشر آيات الله في أرضه، وما يترتب على هذا الدور من أهداف وبرامج وطموحات تساهم في تحصين مجتمعاتنا الإسلامية في مواجهة مختلف تحديات هذا العصر.
* ولادة جمعية القرآن الكريم:
الخامس عشر من شهر شعبان من العام 1408 للهجرة تاريخ سجّل ولادة جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد، النشأة كانت في غرفة واحدة لتنتشر بعد ذلك الجمعية وعلى مدى 22 عاماً من العمل على مختلف الأراضي اللبنانية، عبر 9 مراكز متواجدة في كل من بيروت وبعلبك والنبي شيت والهرمل والنبطية وصيدا وصور وشحور وجويا، كما تعزم الجمعية على افتتاح 4 مراكز جديدة تابعين لها في مناطق مختلفة من لبنان، وذلك خلال الأشهر المقبلة. "خدمة القرآن" عنوان عريض يشكل الهدف الأساسي للجمعية ويجسد الرسالة المقدسة التي وجدت من أجلها، ألا وهي نشر ثقافة القرآن التي يفتقر إليها مجتمعنا الإسلامي. أما الهدف الآخر للجمعية، فهو تربية الأجيال الصاعدة على تزكية النفس بالقرآن، مما حدا بها إلى العمل على نشر تعليم دروس القرآن في المدارس، والذي اعتبره الحاج عساف مدير عام جمعية القرآن الكريم من أبرز أهدافها وإنجازاتها في آن.
* برامج جمعية القرآن الكريم:
"الجمعية ليست مدرسة، إنما هي وزارة صغيرة اسمها وزارة القرآن الكريم"، بهذه العبارة وصف الحاج عساف سير عمل الجمعية التي تحمل في جعبتها سلسلة من المشاريع الدراسية والثقافية، منها:
1 مشروع حفظ القرآن الكريم: هذا المشروع لم يكن موجوداً في بداية عمل الجمعية، وانطلاقته كانت من خلال حفظ بعض السور القرآنية القصيرة، وصولاً إلى مرحلة حفظ القرآن كاملاً، وقد بلغ عدد حافظي القرآن الكريم كاملاً حوالي المئة حافظ.
2 مشروع إعداد المدرسين: "دار معلمين للقرآن"، مشروع يعتبر من ثقافة الجمعية ومبادئها الأساسية. لذلك، فهي تحرص على انتقاء النوعية المميزة من معلميها ومعلماتها الذين كان عددهم في البداية حوالي 13 مدرساً، ليصل اليوم إلى 1064 مدرساً. وتأهيل المدرسين يكون بإجراء دورات تخصصية لهم، كما تجري الجمعية دورات تأهيل سنوية لمعلميها في سبيل تطوير عملية تدريس القرآن وإيصال رسالته.
3 إجراء دورات تخصصية: في تجويد وتلاوة وتفسير القرآن الكريم.
* نشاطات الجمعية:
تعد النشاطات على اختلافها من الأساليب المتطورة والحيوية لتحقيق الأهداف، وفي هذا الإطار كان لجمعية القرآن الكريم سلسلة من النشاطات بهدف خدمة أو نشر رسالة القرآن والإسلام، ومنها:
1-المسابقات القرآنية: نظمت الجمعية العديد من المسابقات ولأعمار مختلفة.
2-المعارض السنوية: وهي من النشاطات التي تقيمها الجمعية كل عام على مختلف الأراضي اللبنانية، وتتضمن عرض كتب وقصص ووسائل تعليمية تهدف إلى خدمة أهداف القرآن ونشر ثقافته ومعارفه المروّية.
ومن النشاطات أيضاً إقامة دورات صيفية وتنظيم احتفالات قرآنية ورحلات ترفيهية ومخيمات وختميات ومجالس قرآنية. كما تنظم الجمعية ندوات ومحاضرات وجلسات للقراء والحفاظ. المشاركة في المسابقات الدولية: تجري في الجمهورية الإسلامية، في إيران كل عام مسابقة دولية في الحفظ والتلاوة والتفسير بحضور أكثر من 80 دولة من مختلف البلدان العربية والإسلامية وقد شاركت جمعية القرآن الكريم في العديد منها عبر إرسال قراء وحفاظ وحكام ومفسرين، ونال المشاركون مراكز هامة زادت وجه لبنان إشراقاً أمام العالم. وفي هذا السياق، كشف مدير عام الجمعية الحاج عساف عن إجراء أولى المسابقات الدولية القرآنية في لبنان خلال الأشهر المقبلة برعاية حكام مميزين وبحضور العديد من الدول العربية والإسلامية.
* الأمسيات القرآنية:
للأمسيات القرآنية مكانتها المميزة لدى جمعية القرآن الكريم، فهي تعتبر من أهم ركائز تأسيسها ومن أجمل طرق نشر محبة القرآن في قلوب المسلمين وإن كثافة إقبال الناس على حضورها كان دليلاً واضحاً على عطشهم لسماع القرآن الكريم، وقد كانت الأمسيات الطريق الممهدة لولادة الجمعية. وقد تحدث الحاج عساف عن أهميتها قائلاً: "إن الأمسيات القرآنية كانت بداية لمحو الأمية في قراءة القرآن"، كما ساهمت أيضاً في رفع مستوى القراء للوصول إلى الحرفية في القراءة، وقد بلغ عدد قراء الجمعية حوالي الخمسين قارئاً، وصل بعضهم إلى مستوى قراء دوليين يشاركون في مختلف المسابقات الدولية. أما عدد الأمسيات التي نظمتها الجمعية في العام المنصرم فقد بلغ حوالي 165 أمسية وحفل قرآني على مختلف الأراضي اللبنانية.
* إصدارات الجمعية: وهي تتضمن قصصاً ووسائل تعليمية وكتباً دينية، وقد بلغت إصداراتها أكثر من 20 كتاباً ونحو 19 قرصاً وشريط كاسيت قرآنياً.
* الطموحات والتطلعات المستقبلية: تأسيس الفكر القرآني ونشره في مجتمعاتنا الإسلامية وتطوير عمل الجمعية ثقافياً واجتماعياً وتربوياً تعد من أهم طموحات الجمعية التي أنجزت العديد من الدراسات بهدف تحقيق كل ما نصبو إليه، ومنها الآتي:
أولاً مجلة القرآن الكريم.
ثانياً جامعة القرآن الكريم.
ثالثاً من الأفكار الجديدة لتطوير عمل الجمعية تأسيس مدرسة قرآنية في بيروت وصور وبعلبك تابعة بشكل مباشر لها.
رابعاً افتتاح مكتبة تخصصية للقرآن ومركز قرآن نت (Net).
خامساً أجرت الجمعية دراسة كاملة (لمدة سنة) لمشروع افتتاح إذاعة القرآن الكريم.
وبناء على ذلك، أكد الحاج عساف أنه يتم العمل على الدوام على تطوير عمل الجمعية تكنولوجياً وعلمياً وتقنياً من أجل مواكبة كل ما هو متطور وجديد.
* المجمع الإسلامي للقراء: أبصر المجمع الإسلامي للقراء النور في الثامن عشر من ربيع الأول من العام 1430هـ، وفكرة إنشائه أتت حسبما أكد مدير المجمع الشيخ علي صالح نتيجة لعدم وجود مركز يضم القراء ويجمعهم بشكل دوري، كما رأى أن القارئ في لبنان يتطور عادة من خلال قراءاته في الأمسيات والمناسبات الدينية المختلفة. أما قراءة منظمة كل أسبوع، فهذا غير موجود.
* ومن أهداف المجمع: إعداد قراء مبدعين يتم اكتشافهم وتقويتهم ورعايتهم وتعليمهم طرق القراءة الصحيحة.
* نقابة لقراء القرآن الكريم: طموح سيتم العمل على تحقيقه:
وحول الرؤية المستقبلية للمجمع قال الشيخ صالح: "نحن وضعنا البذرة والله عزَّ وجلَّ يعطيها مدد من عنده وما كان لله ينمو وإذا لم يكن هناك شيء لله ينضب". وحول إقامة الأمسيات القرآنية فإن المجمع يقيم كل يوم جمعة أمسية قرآنية كما يمكن أن يقيم أمسيات في شهر رمضان المبارك حسب توافر القراء ومن نشاطات المجمع إقامة مجالس عزاء حسينية.
* الجمعية والمجمع:
أكد الشيخ صالح على دعم جمعية القرآن الكريم لمجمع القراء في أي مجال معتبراً المجمع مكمل أساسي للجمعية (لها) فالهدف واحد وهو خدمة القرآن الكريم كما قال: "من الممكن للجمعية الاستفادة في المستقبل من القراء الذين نريد إعدادهم" مؤكداً من ناحية أخرى على حاجة مجتمعنا إلى جمعيات مثل جمعية القرآن الكريم في كل منطقة ومدينة وقرية...
ومسك الختام: كلام للسيد القائد علي الخامنئي (حفظه المولى): "إذا أراد الناس العمل بالقرآن فعليهم أولاً تعلم القرآن".
* موقع الجمعية على الانترنت: www.qurankarim.org.
أقامت جمعية القرآن الكريم للتوجيه والإرشاد حفل تكريم 100 حافظ لكامل القرآن الكريم و29 معلّم ومتخصص في أساليب حفظ القرآن الكريم وألقى السيد هاشم صفي الدين بالحضور كلمة أشاد فيها بدور جمعية القرآن الكريم وبأهمية العمل الذي أنجزته لجهة الاهتمام لهذا النور الإلهي والقيم القرآنية وما تحمل فيها من عبر ودروس والتي سوف نظل بأمسّ الحاجة تبعاً لوصايا رسول الله صلى الله عليه وآله. وأضاف السيد صفي الدين قائلاً: "اليوم حينما نتحدث عن القرآن نتحدث عن المقاومة والمجاهدين، نتحدث عن المجتمع المقاوم الذي بدأ على اسم الله وفي سبيله متعلماً من آيات الله، المجاهدون والمقاومون الذين حققوا الإنجازات والإنتصارات الكبيرة هم من أهل القرآن من الذين تربّوا وأخلصوا والذين يعتقدون بهذا النور الإلهي هؤلاء هم الذين صنعوا فجراً جديداً لأمتنا، ونور انتصارهم من نور القرآن ونور إنجازاتهم من نور القرآن والعبادة والإخلاص لله تعالى، اليوم حينما نجد عدواً قام بكل ما قام به من مجازر واحتلالات وطرد للشعب الفلسطيني والمظالم التي لحقت بهذا الشعب وبأمتنا على مدى ستين عام، وكلنا يفتش عن طريق الخلاص، الطريق الذي نصل من خلاله إلى النجاة، كيف نصل إلى مرحلة نهتدي من خلالها إلى بداية الطريق، طريق الخلاص لأمتنا من سنوات عجاف، لم تشهد فيها أمتنا إلا الذل بعد الذل والخسارة والهوان والضعف، وخلال هذه السنوات كان الجواب دائماً أن الذي ينجيكم ويخلصكم ويجعلكم أقوياء أعزاء هو العود إلى ما أراد لكم رسول الله وأهل بيته يعني العود إلى القرآن الكريم. لأن مقاومتنا ومجاهدينا اعتمدوا هذا الطريق وصلوا إلى هذه النتيجة. واختتم الاحتفال بتوزيع الهدايا التقديرية على الخريجين.