السيد سامي خضرا
اعلم أيها الحبيب، أنَّ تكليفنا بالصلاة فضلٌ من الله سبحانه علينا، لذا علينا تذكر ذلك دوماً لنشكره تعالى... وعلينا بسُنَّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وآله وسُنَّةِ الهداةِ من آله في الصلاة أوّل الوقت, وفي كيفية استعدادهم للصّلاة، ورغبتِهم فيها، وإقبالِهم عليها، وما كانوا يعملون. فالصلوات لها أوقات, وعدم الإجابة في أول الوقت من سوء الأدب وتضييع الغاية.
قال الله ربي جل جلاله:
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتاً﴾ (النساء: 103).
وقال الله سبحانه وتعالى:
﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾ (الجن: 16).
ومن جملة طريقة أهل البيت عليهم السلام في التعامل مع الصلاة الاستعداد لها قبل دخول وقتها، من جهة الوضوء والثّياب والطّيب والجلوسِ مكان الصلاة، وتفريغ البال إلّا منها، والتفكّرِ في لقاء الله سبحانه، والشوقِ إلى ذلك. وفي كتاب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد بن أبي بكر، قال: "صلِّ الصلاة لوقتها المؤقَّتِ لها، ولا تُعجِّلْ وقتَها لفراغ، ولا تُؤخِّرها عن وقتها لاشتغال، واعلم أنَّ كلَّ شيءٍ من عملك تَبَعٌ لصلاتك"(1).
* أدَبُ وسنّةُ الصالحين
ورد عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله:
"حَسْبُ الرجلِ من دينه كثرةُ محافظتِهِ على إقامة الصلوات"(2).
وعنه صلى الله عليه وآله:
"ما من عبد اهتمَّ بمواقيت الصلاة، ومواضعِ الشمس، إلا ضمنتُ له الرَوْحَ عند الموت، وانقطاعَ الهموم والأحزان، والنجاة َ من النار"(3).
وعن علي أمير المؤمنين عليه السلام:
"ليس عملٌ أحبَّ إلى الله من الصلاة، فلا يُشغِلنَّكُمْ عن أوقاتها شيءٌ من أمور الدنيا، فإنَّ الله عزَّ وجلّ ذمَّ قوماً فقال: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ يعني أنَّهم غافلون، استهانوا بأوقاتها"(4).
* حياتُك محطات للصلاة
كان مولانا الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وآله لا يُؤثرُ على الصلاة عَشاءً ولا غيرَه، وكان إذا دخل وقتُها كأنَّه لا يعرفُ أهلاً ولا حميماً.
فعليك أن تُشعِرَ نفسَك دوماً أنَّك بين صلاتين، ولتكُنْ حياتُك محطاتٍ للصلاة، تتنقَّلُ بينها، من صلاة إلى أخرى. ألا ترى أنَّ العبد الصالح، عيسى ابن مريم عليه السلام قال:
﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً﴾.
وهل هناك ما هو أشرف من الحديث مع الله سبحانه؟
* الفرح بعد الفراغ
أيها الحبيب لا تنسَ بعد الفراغ من صلاتك أن تفرح لما وُفقِّتَ له من العبادة، وأنَّ ذلك سيُحسبُ لك في ميزان أعمالك يوم القيامة، وقد سُجِّلت في صحيفة عملك صلاةٌ سوف تلقاها وقتَ احتياجك لها: ﴿وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾.
* صلاةَ المودِّع
ورد عن مولانا الصادق عليه السلام:
"إذا صليتَ صلاةَ فريضةٍ فصلِّها لوقتها صلاةَ مودِّع يخاف أن لا يعود إليها أبداً، ثم اصرفْ ببصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم مَنْ عن يمينك وشمالك لأحسنتَ صلاتَك، واعلمْ أنَّك بين يدي مَنْ يراك ولا تراه"(5).
(1) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 33، ص 582.
(2) ميزان الحكمة، الشيخ الريشهري، ج 2، ص 1643.
(3) الأمالي، الشيخ المفيد، ص 136.
(4) الصلاة في الكتاب والسنة، الشيخ الريشهري، ص 51.
(5) وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 5، ص 475