إعداد: ديما جمعة فوَّاز
تلتقي بصديق لم تره منذ فترة وتسأله إن كان والده (المسافر منذ سنين وغير المهتمّ بأمره) غائباً. وحين يردّ بالإيجاب تتحول إلى مُحاضرٍ عن حقوق الأبناء وتقارن بين والده القاسي ووالدك الحنون.. وترحل ببساطة وقد أيقظت في نفسه الشجون والغضب على أسرته المفكَّكة قياساً ببقية العائلات المتماسكة.
تعرف مسبقاً أنَّ جارك متزوج منذ سنوات ولم يرزقه الله بطفل، ولكنك كلَّما صادفته أمام باب المصعد تسأله عن السبب والحل الممكن.. وتفترقان بعد أن تتركه حائراً في أمره آسفاً على وضعه.. لا تنفكّ تعلّق على الشحوب البادي على وجه قريبك المريض.. وتستفيض في تذكير رفيقك في الصف عن نتيجة بدانته الفائقة.. وتُذكِّر أخاك بصديقه الذي خان الأمانة.. وتسأل خالتك عن أسباب رسوب أبنائها في كل عام.. هي مجرد كلمات وتعليقات وأسئلة، لعلك لا تهدف من ورائها إلى إثارة الأحزان ولكنك بالتأكيد تترك ندوباً في القلب وتوقظ الجمر من تحت الرماد ولعلك تتسبب بالخلافات بين الناس وتُبقي الآخر في حالة تفكُّر في وضعه السيئ.
لذلك قبل أن تتكلم.. فكّر قليلاً في أن الأحرف يمكنها أن تؤلف مفردات قاسية. احرص على أن لا تتدخّل فيما لا يعنيك من شؤون سواك، ولعلّه من الأفضل حين تلتقي بأشخاص ولا تعرف بماذا تحدثهم أن تشاورهم برأيهم بأداء الحكومة أو تسألهم عن رأيهم بحال الطقس.. هل الطقس عاصف أم مشمس؟!