ديما جمعة فواز
تقف حرية الإنسان على أعتاب حرية الآخرين، قاعدة نعرفها ولكننا للأسف لا نطبقها. وغالباً ما يتشاجر الأهل مع أبنائهم حول هذه النقطة إذ يعتبر بعض الشباب أنّ من حقهم الاستماع إلى صوت المذياع المرتفع، ومن الطبيعي أن يبعثروا حاجياتهم في غرفهم ومن البديهي أن يشغلوا هاتف المنزل لساعات أثناء مكالمة رفاقهم.. وإليكم نموذج حوار يمكننا أن نسمعه في بعض المنازل.
الأم: لماذا تشاجرت مع جارنا أبي أحمد؟
الشاب: لأنه يحاسبني كيف أتحدث مع رفاقي ليلاً من شرفة المنزل.
الأم: ولكنك تزعج الجميع بصياحك من الطابق الثالث بدل النزول والتحدث إليهم بهدوء.
الشاب: إنه يتدخل فيما لا يعنيه.. وأنا حرّ ولا أريد النّزول.
الأم: حقاً؟ وهل تعتقد أنك لا تسبّب الأذى للجيران بصوتك الجهوري؟
الشاب: لا دخل لأحد بما أقوم به.. وأنا حرّ!
*نصيحة للأهل
1 - من المهم أن تتناقشوا مع أبنائكم حول معنى الحرية، وأن تعلّموهم كيف يحترمون الآخرين ولا يعتدون على حقوقهم.
2 - حين يكبر الشاب معتبراً أنّه محور الكون، وأنّ كل شيء مرتبط براحته وليس للآخرين أي حقوق ينبغي له مراعاتها، يتحوّل إلى إنسان أناني. وهنا يأتي دوركم في تلقين أبنائكم، منذ طفولتهم، كيف يحرصون على مداراة الناس.
3 - قدّموا لأبنائكم نموذجاً حسناً، أما في حال برّرتم لهم تعدّيهم على حقّ سواهم، ولو في موقف واحد، فسوف يصبح الأمر عادة عندهم. ولن تتمكنوا فيما بعد من أن تغيّروا تصرفاتهم هذه، في المستقبل.
*نصيحة إلى الشاب
1 - شرح الإسلام لنا معنى الحرية، ومن خلال التعرّف إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام نتعلم كيف نكون أحراراً دون أن نؤذي غيرنا، ونفهم أنّ الحريّة أمرٌ نكتسبه حين نداري الآخرين، وليس كما ينقل لنا الغرب المشوّه القيم: إنّ كل واحد منّا لا شأن له بسواه، على قاعدة "ما دمتُ سعيداً لا همّ لي بحزن سواي"!
2 - تخيّل لو أنّ كل واحد منا تصرّف بأنانيّة واعتبر أنّ من حقّه أن يقوم بما يحلو له. مثلاً، من حقّ أخيك أن يشاهد التلفاز، ويرفع صوته بينما أنت تدرس. ومن حقّ والدتك أن تطفئ ضوء غرفة الجلوس لتنام بهدوء. ومن حق ابن الجيران أن يُشعل المفرقعات بعد منتصف الليل ليحتفل.. ألا تتخيّل أن الحياة ستصير صعبة، ولا تُطاق؟!
3 - حين تكترث لراحة غيرك وتُؤثِرُهم على نفسك، سوف يرتفع شأنك بينهم في الدنيا ويجزيك الله عنهم خير الجزاء لأن الله يرضى عمّن يخدم عباده ويؤمّن الراحة لسواه.
4 - ولا تنسَ أن من يمشي على قاعدة "أنا ومن بعدي الطوفان" سوف تبتلعه أمواج الأنانية وحده، ولن يمد له أحد يد العون.