ديما جمعة فواز
هي وظيفة واحدة، ترشح لها خمسة عشر شاباً متفوقاً.. جميعهم بحاجة ملحّة للعمل، قدّموا أفضل ما لديهم وانتظروا بلهفة صدور النتيجة. وفي الليلة التي سبقت إعلان النتيجة، توجّه كل واحد منهم بقلب صادق وتوسل حزين لله عزّ وجلّ، سائلاً النجاح. وعلى الرغم من أن الله سمع دعاءهم ونظر إليهم نظرة الرب الرحيم، ولكن المقتضى المنطقي للأمور فرض أن تختار اللجنة في اليوم الثاني، واحداً منهم فقط! واحد فقط، احتفل بفوزه وشكر الله معتبراً أن حياته لا بد.. ستكون أفضل.
ولكن قرار اللجنة خلّف وراءه 14 حلماً محطماً..نصفهم استنكروا عدم استجابة الله لدعائهم، وجحدوا بنعمه فرسبوا مرة أخرى ولكن هذه المرة بمفهوم اللجنة الأخروية! ثلاثة منهم غضبوا بشدة واعتبروا أن الله لم يكن عند حسن ظنهم به فتزعزع إيمانهم وشككوا بالعدل الإلهي.. ولكن ما إن هدأت عاصفة نفوسهم حتى استعاذوا بالله من الشيطان واستسلموا للقدر بغصّة وحرقة. في حين تقبّل قلة منهم النتيجة ببساطة مردّدين: "لو كان لي فيه خير لما أخره الله عني..".
ذاك امتحان دنيوي روتيني، كل واحد منا مرّ به بأشكال مختلفة لأننا جميعاً في محطاتٍ معينة نواجه بالفشل، ولكن لا يمكننا أن نتكلّم عن نجاح فرد إلّا وفي مقابله فشل آخر! لا يمكننا أن نكون كلنا في المركز الأول والمقعد الأول والمنصب الأول.. ولكنّنا جميعاً متساوون في نظر خالقنا الرحيم ويوم القيامة سيسألنا عن كيفية استثمارنا للفوز تماماً كما سيحاسبنا على أسلوب تعاطينا مع الخسارة..
في النهاية، لا بد أن هناك من يجلس في آخر القاعة ولكنه بروحه يحلّق عالياً، لا يبالي بالخسارة الدنيويّة والماديّة فيجد الفشل بمفهوم عبيد المناصب والمراكز حلواً ويفكر إن كان هذا هو ثمن الجنة، فيا مرحباً بالفشل!