إعداد: ديما جمعة
تطفئ شمعات عيد ميلادها الخامس ويعلو صوت الصفيق. الجميع يهرع نحوها ليقبلها، يلاعبها ويقدم لها هديتها.. ولكنها تهرول نحو علبة كبيرة في زاوية الغرفة وتردد: "أتمنى أن تكون بلاي ستايشن.. يا رب.. فقط حقّق لي هذا الطلب"!
بعد عشر سنوات.. ها هي تجلس على سجادة الصلاة وتدعو ربها.. تبتهل وتبكي وترفع يديها إلى السماء متوسلة: "يا رب، وفّقني في امتحان الشهادة الرسمية هذا العام.. يا رب.. فقط حقّق لي هذا الطلب!" بعد أشهر قليلة، في المستشفى عند الساعة الثامنة مساء، تنتظر نتيجة فحوصات والدتها..
تبكي وتتوسل وتتأمل والدتها المستلقية كالملاك على السرير قربها ومن قلب ملهوف تردد: "يا رب، اشفِ أمي ولا تحرمني منها.. يا رب فقط هذا الطلب!" تلك مواقف متباعدة من حياة فتاة، وهي انعكاس لسلوكنا في مختلف منعطفات حياتنا؛ فكلما واجهنا مشكلة أو تمنينا تيسير أمورنا توجهنا بكل حواسنا نحو خالقنا ودعوناه مخلصين له النية وبصدق نردد "فقط هذا الطلب" وذاك الرب الرحيم يسمعنا، يعطينا ويغدق علينا من نعمه ولا تختلط عليه الدعوات ولا يحجبه عنّا شيء، رغم علمه المسبق أن في جعبتنا ملايين الطلبات التي سوف نضعها تباعاً بين يديه فيستقبل آهاتنا برحمته ويحيطنا برعايته..
أتدرون ما هو العجب كل العجب؟ أن ذاك الرب العظيم، حين يدعونا إليه نتباطأ، وحين نقف للصلاة بين يديه نتثاقل، نستصعب تلاوة قرآنه كل يوم ونستكثر أعمالنا الصالحة من صدقات وخدمة المؤمنين.. ورغم ذلك يقابلنا دوماً بالإحسان والعطايا. هي دعوة لنا لنذكر الله عزّ وجلّ في كل أوقاتنا ونشكره ونعظّمه.. ونتذكر أننا نحن الضعاف المحتاجون إليه.. ليس فقط بطلب واحد وإنما في كل طلب!