مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي: المرأة المسلمة الحضور المشرق




أقدِّم التهاني بمناسبة ميلاد السيدة زينب الكبرى عليها السلام، وأرى مناسباً أن أطرح أمراً بمناسبة يوم الممرضة. إنّ مهنة التمريض من أكثر المهن والخدمات قيمة؛ لأن لها ارتباطاً مباشراً بالإنسان. فالممرض يرفع الغم والحزن عمّن هو بحاجة إلى رفع غمّه ومعايشة آلامه ومساعدته. فعمله يرتبط مباشرة بالمريض ويبقى معه مستيقظاً ومتنبهاً يتحمل الآلام والعناء أكثر من الآخرين. والتمريض مهنة تقوم على العلم والدراسة. وهي مهنة عزيزة وقيّمة. لذا أقول للممرضين والممرضات الأعزاء إنكم نلتم التوفيق بهذا العمل العظيم وبأدائكم هذه الخدمة القيّمة، فلا تبطلوا – لا سمح الله – هذا العمل بقصور أو تقصير. وإنكم كلّما أديتم هذه الخدمة بصورة أفضل أصبحت حياة الناس – بمقدار ما يرتبط بهذا العمل – أفضل وكان الأجر والثواب أعظم. أيُّها الأعزاء، عليكم أن تدركوا قدر هذا الموقع الحسّاس وتكرّموا هذه الخدمة وتشكروا الله على توفيقه إياكم لهذا العمل النبيل وأن تثابروا جهد استطاعتكم على أدائه خير أداء.

* أهمية دور المرأة
لقد كانت المرأة وتَعامُل المجتمعات معها قضيّة مطروحة منذ العهود القديمة بين المجتمعات والحضارات المختلفة وبين المفكرين وفي أخلاق وتقاليد الأمم والشعوب المختلفة. فنصف سكان العالم هم من النساء. وقوام الحياة مرتبط بالنساء بالقدر الذي يرتبط فيه بالرجال. فالنساء يتحمّلْن – بصورة طبيعية – أعظم أعمال الخِلقة كالإنجاب وتربية الأطفال وأعمال رئيسة أخرى. إذاً فقضية المرأة قضية مهمة جداً.

* الإسلام حارب استغلال المرأة
لقد اتخذ الإسلام موقفاً بارزاً من هذه القضية، وتصدّى للإفراط والتفريط، ووجّه تحذيراً إلى جميع الشعوب في العالم، وتصدّى للرجال والأفكار والعادات التي كانت تستغلّ النساء وتعرّضهن للأذى أو التحقير أحياناً، فجعل المرأة في موضعها الحقيقي. ففي بعض الموارد جعلها في صف الرجال ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (الأحزاب: 35). إن جميع هذه المقامات المعنوية والدرجات الإنسانية مقسمة بين المرأة والرجل بالسويّة، المرأة في هذه الأمور مساوية للرجل ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً... (النحل: 97). وفي موارد أخرى قُدّمت المرأة على الرجل وذلك إذا كانا والدين لابن، فقُدّمت خدمة الابن لأمّه على خدمته لأبيه، فحق الأمّ عليه أكبر ووظيفته تجاه أمّه أعظم. وهناك الكثير من الروايات في هذا الباب، فقد ورد أنّه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله من أَبُرّ؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال: أمّك! قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك! (1).

* حق المرأة والرجل في الإسلام
إن للمرأة – في معيار الأسرة وبين الأبناء – حقاً أعظم من الرجل. طبعاً هذا ليس من باب ترجيح قسم على آخر، كلا بل لأن النساء يتحمّلن العناء والمشاق أكثر من الرجال. فهذا هو العدل الإلهي. فكلّما كان العناء والمشقة أكبر كان الحق أعظم. أمّا في الأمور المالية كحق رئاسة الأسرة، ووظيفة إدارة الأسرة، فهذه الأمور متعادلة في الإسلام ولم يضع الإسلام قانوناً يظلم فيه المرأة أو الرجل بمقدار ذرة واحدة، جعل حقاً للمرأة وآخر للرجل، جعل ثقلاً في كفّ المرأة وآخر في كفّ الرجل. والنساء والمفكّرات والفاضلات يدركن ويبلّغنَ ويوضّحنَ هذه الأمور أفضل من الرجال. هنا ركّز الإسلام على نقطة رئيسة، فبما أن الرجال أكثر خشونة وإرادتهم في مواجهة المشاكل وأجسامهم أقوى كانت الأعمال المهمة والمسؤوليات والقدرات المختلفة بأيديهم طوال أدوار التاريخ المختلفة، مما أعطاهم إمكانية استغلال الجنس الآخر.

* أهمية الضوابط الشرعية بين المرأة والرجل
هنا وقف الإسلام بكل قوّته وأعطى الكثير من اهتمامه لبناء الأسرة، فجعل حدّاً بين الرجل والمرأة في المجتمع، فلا يحق لأحد تجاوز هذا الحدّ أو إزالته. فعلاقة الرجل بالمرأة في الأسرة تكون بصورة معينة، وعلاقته بها في المجتمع بصورة أخرى، فإذا تحطمت الضوابط والحدود التي وضعها الإسلام حائلاً بين المرأة والرجل في المجتمع، تهدّمت معها الروابط الأسريّة أيضاً. إن الثقافة الإسلامية هي ثقافة عدم الاختلاط بين الرجل والمرأة. ومثل هذه الحياة تستطيع – برعاية الموازين العقلية – أن تحقّق السعادة وأن تتقدم بصورة صحيحة، وقد شدّد الإسلام عليها. وهذه تماماً بخلاف القضية التي أرادها وعمل لها طلاب الشهوة وأصحاب السلطة والمال والقدرة من رجالهم ونسائهم ومَن تحت سلطتهم الذين رغبوا في إزالة هذا الحاجز الموجود بين الرجل والمرأة. وطبعاً هذا أمر يعود بالضرر على المجتمع وعلى أخلاق الناس في المجتمع، ممّا يهزّ بدوره أركان الأسرة مع العلم أن الإسلام يبدي اهتماماً كبيراً بالأسرة وهذه هي الثقافة الإسلامية.

* الغرب وانتهاك حق المرأة
واليوم فإن صراع الأبواق الإعلامية الغربية مع المسلمين هو حول هذه النقطة. إنّهم يتعاطون بحساسية شديدة إزاء الحجاب الإسلامي، أكان هذا الحجاب في الجمهورية الإسلامية أو في جامعات الدول العربية أو كان في مدارسهم التي هي تحت سيطرتهم، حتى الابتدائية منها. [هذا الحجاب] الذي اختارته الشابات والجامعيات الواعيات.  إذاً هنا تكمن نقطة الصراع. تراهم يردّدون في إعلامهم دائماً – وإن كانوا لا يؤمنون به – أن حق المرأة في الإسلام يُنتهك. كلا، لم يُنتهك بل إنه يُحترم أكثر من ذي قبل. والمرأة المسلمة اليوم لها حضور علمي وسياسي وخدماتي في المجامع الإسلامية وفي المؤتمرات الدولية المختلفة وفي المراكز العلمية والجامعات. نعم كانوا في السابق ينتزعون الفتيات من حمى وعفاف أسرهنّ ليدخلوهنَّ في مستنقع الفساد ويرسموهنَّ في لوحات فنية تحت عنوان المرأة المثالية. طبعاً هذا لا وجود له اليوم. فأين يُنتهك حق المرأة؟ أليس في مكان تُمنع فيه المرأة عن الدراسة، أو أمام اشتغالها بعمل مناسب مع سائر النساء، أو أمام خدمة النساء أو خدمتهنَّ للنساء، أليس في مكان تُحقّر فيه المرأة؟ فأين تحقّر المرأة؟ انظروا إلى المجتمع الأمريكي فإن المرأة تحقّر هناك، فالزوجة تحقّر من قبل الزوج، والأم يحقّرها أولادها، فلا معنى لحق الأم هناك كما هو موجود في المجتمعات الإسلامية. نعم، هنا يراعى الحد الفاصل بين الرجل والمرأة، ولا يعني هذا عدم دراسة النساء والرجال في محيط واحد، أو المنع عن تعبُّد النساء والرجال في محيط واحد، والعمل في محيط واحد وعدم التعامل (بيع وشراء) في محيط واحد، كلا، بل معناه أن هناك حدوداً وضوابط للمعاشرة بينهما.

* تصدير الفساد الغربي إلى البلدان الإسلامية
إن الغرب بصدد تصدير ثقافته إلى كل البلاد. وإن الثقافة الغربية تعني ثقافة العُري. طبعاً إن حالة الفساد والعري وهذه الصورة الفظيعة لحياة بعض النساء في المجتمعات الغربية ليست شاملة لجميع النساء هناك، بل إن هذه الحالة هي نتيجة للإعلام الخاطئ والمتزايد يوماً بعد يوم. فقبل 40-50 سنة لم يكن الفساد في المجتمعات الغربية بالصورة التي هو عليها اليوم، والغرب ينوي تصدير هذا الفساد الواقع فيه إلى الدول الإسلامية. إننا لا نريد ذلك، فهذا يعود بالضرر على حياتنا الاجتماعية وعلى حياتهم الإجتماعية أيضاً. من هنا نستطيع القول إن الحياة الإسلامية هي أفضل أسلوب حياة لنا ولغيرنا.

******


(1) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 159.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع