مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أدب ولغة: كشكول الأدب


إعداد: إبراهيم منصور


* من أمثال العرب
"ما هكذا تُورَدُ، يا سَعْدُ، الإبل"

وَرَدَ، في لسان العرب (1) أنَّ الإمام عليّاً عليه السلام تمثَّل بقول الشاعر:
 

أورَدَها سَعْد، وسَعْدٌ مُشتملْ

ما هكذا توردُ، يا سعدُ، الإبلْ


وذلك حين رُفِعَ إليه عليه السلام أمرُ رجلٍ سافرَ مع أصحابٍ له فلم يرجع عندما حَفلوا إلى أهاليهم، فاتَّهمَ أهلُه أصحابَه بقتله، ثمّ اشتكوا إلى القاضي شُرَيْح، فسألهم القاضي البَيِّنَةَ على ما يدّعون. ولمّا عجزوا عن إقامتها (تقديم البيِّنة) لم يحكُم لهم. فأخبروا الإمام عليّاً عليه السلام بحكم شُرَيْح المتسرِّع، فتمثّلَ عليه السلام بذلك الشعر، ثمّ قال: "إنَّ أهوَنَ السّقي التشريع"، أي أن يورد ربُّ الإبِلِ إبِلَه شريعةً (ماءً كثيراً ظاهراً على الأرض)، فلا يحتاج إلى نزع الماء من البئر أو نقله من مكانٍ قَصِيّ. يُريد الإمام عليه السلام بقوله إنَّ شرَيْحاً حين طلبَ البيِّنَةَ أتى الأهونَ وَتَرَكَ الأَحْوَط، كما أنَّ أهونَ السَّقيِ التشريع. عند ذلك تولَّى الإمام عليه السلام القضيَّة بنفسه، ففرَّق بين المتَّهمين، وسألّ كُلاً منهم على انفراد، فاستَسْلموا لهَيْبته عليه السلام واعترفوا بجريمتهم، فأقام عليهم الحدّ. ومن يومها، كلَّما حَكَمَ حاكم في مسألةٍ أو محكمة. أو حكومة، فاستسهل الحُكْمَ، ولم يُراعِ الله في اعتماد الأحوط، حقناً للدماء أو إيفاءً بحقِّها، قيل فيه: "ما هكذا تُوردُ، يا سَعْدُ، الإبِل"!!.

* قالت لي المرآة
ـ أراك تتأفَّفُ، فما خَطْبُك؟
ـ أريدُ أن أستحمَّ وليس في دارنا ماء.
ـ هذه ليست مشكلتك وحدك، إنَّها مشكلة الناس جميعاً، مع أنَّ بلدكم لبنان غنيٌّ بمياه الأنهار والآبار... فأنتم كما قال المعرّي:
كالعيسِ (2) في البيداء يقتُلُها الظَّما
والماءُ فوقَ ظُهورها محمولُ!
والغريب أنَّكم لا تعرفون قيمة هذه المادة الحيويّة الثمينة، ولا تستحقّونها، لذا فمياهكم تنسربُ (تذهب) إلى البحر.
ـ صحيح، ولكنَّ ما تقولينه لا ينطبقُ عليَّ، فأنا أعرف تماماً قيمة الماء خصوصاً بعدما قرأت كتاب "الماء مُعجزة الطبيعة".
ـ حقّاً؟ وماذا تعرف عنه؟
ـ أعرف أنّ الماء والحياة توأمان لا ينفصلان، ويكوّن أكثر من ثلاثة أرباع أجسامنا، وأعرف أنَّ الجَمالَ الشاعريَّ للسُّحُب الرائعة عند الفجر والغروب، وحركة الثلّاجات الجليدية الهائلة في القُطبين، وألوان الطيف في قوس قُزح وشكله المدهش، وتناسق بلَّورات الثلج والصقيع التي تذكّرنا بتلألُؤ الدُّرِّ والماس... كلّها أشكالٌ أخَّاذة لهذه المادّة العجيبة معجزة الطبيعة وواهبة الحياة على الأرض!.
ـ كلُّ ما ذكَرْتَه جميل إلّا العبارة الأخيرة!
ـ ولم؟
ـ لأنّ الماء ليس معجزة الطبيعة، بل معجزة خالق الماء والطبيعة! وإذا كنّاَ مُنْبهرين أمام المخلوق المُدهش، فلا ينبغي أن ننسى الخالقَ المعجِز.. الله تعالى هو خالقُ كلّ شيء، وبارئ كلّ نسمة، وقد قال سبحانَه وهو خيرُ القائلين: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ!!. (الأنبياء: 30)

* من الثنائيّات:
الثنائيّات هي مفردات تُلفظ مَثْنَى مَثْنَى، أي كلّ مفردتين تلفظان معاً لنكتةٍ أو صفة تجمع بينهما، أو لعلاقةٍ بأدنى مناسبة. ومن الثنائيّات المشهورة:
الأَصْرمان: الليل والنهار، وسُمِّيا كذلك لأنَّ كلاًّ منهما ينصرم (ينقطع) عن صاحبه.
ـ القمران: الشمس والقمرُ، وكذلك:
ـ الأزهران: الشمس والقمر، لنورهما. وهو مأخوذٌ من قول العرب: زَهَرَ الوجهُ أو السراجُ أو القمرُ: إذا أضاء وتلألأ. ومنه الأزهرُ أي: النَّيِّرُ الصافي اللون، والزهراء، أي: المشرقة الوجه.

* من نوادر العرب:
يُروَى أن محمَّداً ابن الإمام علي عليه السلام رأى في الطواف أعرابياً عليه ثياب رثَّة وهو شاخصٌ نحو الكعبة لا يصنع شيئاً. ثمَّ دنا من الأستار فتعلَّق بها ورفع رأسه إلى السماء وأنشأ يقول:
أما تستحي منّي وقد قمتُ شاخصاً
أُناجيكَ، يا ربي، وأنتَ عليمُ؟!
فإنْ تكْسُني، يا ربُّ، خُفّاً وفروةً
أُصلّي صلاتي دائماً وأصومُ
وإن تكن الأخرى على حال ما أرى
فمَنْ ذا الصلاةِ يلومُ؟
أَترزُقُ أولادَ العُلوج وقد طَغَوْا
وتتركُ شيخاً والداهُ تميمُ؟
فدعا به محمّد بن علي عليه السلام وخلع عليه فروةً وعِمامةً وأعطاه عشرة آلاف درهم، وحمله على فرس. فلمّا كان العامُ الثاني جاءَ الحجَّ وعليه كُسْوَةٌ جميلة وحال مستقيم، فقال له أعرابي: رأيتك في العام الماضي بأسوأ حال وأراك الآن ذا بِزَّةٍ حسنة وجمال، فقال: إنّي عاتبتُ كريماً فأُغنيت.

* من أجمل الرُّدود
سُرِقَت امرأةٌ عجوزٌ فشكَتْ أمرها إلى الحاكم، فقال لها معاتباً ومحمِّلاً إيّاها مسؤوليَّة التقصير:
ـ كان عليكِ أن تسهري على مالِكِ، لا أن تنامي.
فأجابته على الفور:
ـ ظَنَنْتُكَ تسهرُ على أمور رَعيَّتِك، فنمتُ مطمئنَّة البال!.

* من فوائد اللغة
الكفّ: راحة اليد، وهي مؤنّثة. وفي حديث الصَّدقة: كأنّما يضعُها في كفّ الرحمن؛ قال ابن الأثير: هو كناية عن محلّ القبول والإثابة، وإلّا فلا كفَّ للرحمن ولا جارحة. وقد سُمِّيت الكفُّ (الراحة أو الأصابع) بذلك لأنّها يُكَفُّ بها عن البدن، أي يُدفَعُ بها الشرّ والأذى. والكفُّ: النعمة، وكذلك اليد، ومن هنا قولهم: طالت يدُ فلان في قومه، كناية عن كثرة ما يُنيلُهم من فضله وكرمه.

* من الأضداد
القشيب: تعني الجديد النظيف الأبيض، كما تعني الوَسِخَ والخَلِقَ البالي. والسيف القشيبُ أو القشِبُ هو السيف الصَّدئ، وكذلك هو السيف المجلوُّ المصقول، أي الحادّ القاطع.
خَفَرَ: خَفَرَ الرجلُ فلاناً وخَفَرَ به وعليه: أجارَه وحماهُ، ومنه المخفَر، أي مركز الأمن والحماية. وخفَرَ بالعهد: وفى به. ولهذا الفعل الجميل معنى مُضادّ؛ إذ نقول: خَفَرَ المرءُ فلاناً، بمعنى نَقَضَ عهدَه وغَدَرَ به، ومنه قول الأخطل:

سائلِ العَلْياءَ عنَّا والزَّمانا
هل خَفَرْنا ذمَّةً مُذْ عَرَفَانا؟!.


(1) لسان العرب، ابن منظور، ج 8، باب العين، فصل الشين المعجمة، ص 175.
(2) العيس: الإبل البِيض يُخالط بياضَها سوادٌ خفيف: (المنجد).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع