مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: وفضّل الله المجاهدين


الشيخ بسّام محمّد حسين


إذا كان الجهاد طريقاً من الطرق المشروعة للدفاع عن القيم والمبادئ التي يحملها الإنسان في حياته، ومن الأمور التي تتطلّب جُهداً ومشقّة، يرغب عنه عموم الناس، كما يقول تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾ (البقرة: 216)، فهو يستدعي وجود مواصفات ومهارات خاصّة، سواء على المستوى الماديّ أو المعنويّ، تتطلّب تحضيراً وإعداداً مسبقاً لها من قبيل: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ (الأنفال: 60).

وإذا كان للجهاد أدواته ووسائله المتعدّدة، المشروعة وغير المشروعة، فلا بدّ من وجود معايير وضوابط تُميّز إحداهما عن الأخرى، وإلّا تحوّل الجهاد إلى غاية تُستخدم شتّى الوسائل لأجلها، حتّى وإن كانت على حساب المبادئ والقيم الأساسيّة، التي أُسّس الجهاد للدفاع عنها، ولا شكّ في أنّ ذلك تضييع لأهداف الجهاد وإفساد لغاياته النبيلة.

وممّا تقدّم، يتّضح أنّنا بحاجة إلى تربية جهاديّة خاصّة، تتكفّل بمساعدة الإنسان المؤمن في هذا الطريق المقدّس؛ ليكون مجاهداً، والارتقاء به إلى أعلى الدرجات التي تجعل منه نموذجاً يُحتذى به.

وقد حدّثنا التاريخ عن نجوم تلألأت في سماء التضحيات الجهاديّة، ممّن تربّى في أجواء النبوّة والإمامة، وبلغ الدرجات العالية التي جعلت منه قدوة وأسوة للمجاهدين والمضحّين، وخُلِّد اسمه عبر التاريخ إلى يومنا هذا.

فمن البدريّين، أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعددهم الـ 313، الذين وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستقبلاً القبلة داعياً لهم: "اللهمّ إنْ تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض"(1)، فصاروا عنوان عدّة أصحاب الإمام المهديّ | عند ظهوره الشريف.

إلى أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام؛ كمالك الأشتر النخعيّ، حيث قال عليه السلام فيه وقَدْ جَاءَه نَعْيُه: "مَالِكٌ ومَا مَالِكٌ! واللَّه لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنْداً، ولَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً، لَا يَرْتَقِيه الْحَافِرُ ولَا يُوفِي عَلَيْه الطَّائِرُ"(2).

وسواه ممّن كان يتحسّر ويبكي عليه السلام على فراقهم قائلاً: "أَيْنَ إِخْوَانِيَ الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّرِيقَ، ومَضَوْا عَلَى الْحَقِّ، أَيْنَ عَمَّارٌ؟ وأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ؟ وأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ؟ وأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ، وأُبْرِدَ بِرُؤوسِهِمْ إِلَى الْفَجَرَةِ؟" قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِه عَلَى لِحْيَتِه الشَّرِيفَةِ الْكَرِيمَةِ، فَأَطَالَ الْبُكَاءَ ثُمَّ قَالَ: "أَوِّه عَلَى إِخْوَانِيَ الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوه، وتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوه، أَحْيَوُا السُّنَّةَ وأَمَاتُوا الْبِدْعَةَ، دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا، ووَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوه"(3).

إلى أصحاب الإمام الحسين عليه السلام حيث: "لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي"(4).

وعلى هدي هؤلاء، مضى أصحاب البصيرة ممن تربّوا في مدرسة الإمام الحسين عليه السلام وأخته العقيلة زينب عليها السلام، وقدّموا الغالي والنفيس في هذا السبيل، فأضاؤوا الدرب لسواهم ممّن ينتظر وما بدّلوا تبديلاً، وبذلك حازوا قصب السبق فيما قاله تعالى: ﴿وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (النساء: 95).


1- بحار الأنوار، المجلسي، ج 19، ص 221.
2- نهج البلاغة، باب الحكم، رقم: 443. قال الرضيّ: والفند المنفرد من الجبال.
3- (م.ن)، الخطبة 182.
4- الإرشاد، المفيد، ج 2، ص 91.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع