* تواتر روايات المهدي
عقد الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد صاحب رسالة "عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي
المنتظر"(*) فصلاً في ذكر بعض الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي من علماء السنة ونقل
كلماتهم، منهم:
1- أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري السجزي (المتوفى سنة 363هـ)، صاحب كتاب "مناقب
الشافعي".
2- محمد البرزنجي (المتوفى سنة 1103هـ) في كتابه "الإشاعة لأشراط الساعة" قال في
الباب الثالث في الأشراط العظام" واعلم أنّ الأحاديث الواردة فيه على اختلاف
رواياتها لا تكاد تنحصر، ثم الذي في الروايات الكثيرة الصحيحة الشهيرة، أنّه من ولد
فاطمة... قد علمت أنّ أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان وأنّه من عترة رسول
الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة، بلغت حدّ التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها.
3- الشيخ محمد السفاريني (المتوفى سنة 1188هـ) في كتابه "لوامع الأنوار البهية" قال:
"وقد كثرت بخروجه – يعني المهدي – الروايات حتى بلغت التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين
علماء السنة حتى عدّ من معتقداتهم".
4- محمد بن علي الشوكاني (المتوفى سنة 1250هـ) مؤلف "نيل الأوطار"، قال في كتابه "التوضيح
في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجّال والمسيح" قال: "والأحاديث الواردة في
المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف
المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة.
5- الشيخ صديق حسن القنوجي (المتوفى سنة 1307هـ) قال في كتابه "الإذاعة لما كان وما
يكون بين يدي الساعة": والأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جداً
تبلغ حدّ التواتر المعنوي وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم
والمسانيد.
6- الشيخ محمّد بن جعفر الكتاني (المتوفى سنة 1345هـ) قال في كتابه: "نظم المتناثر
من الأحاديث المتواتر" قال: وقد ذكروا أنّ نزول سيدنا عيسى عليه السلام ثابت
بالكتاب والسنة والإجماع...، إلى أن قال: والحاصل أنّ الأحاديث الواردة في المهدي
المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى بن مريم عليه الصلاة
والسلام(1).
هذا بعض ما ذكره الشيخ عبد المحسن ثم نقل أحاديث المهدي عن الصحاح والسنة.
* رأي الشيخ بن باز
ولمّا انتشر كتاب الشيخ عبد المحسن "عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر"
ووقف عليه مفتي المملكة العربية السعودية آنذاك الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن
باز، قال: أما بعد، فإنّا نشكر محاضرنا الأستاذ الفاضل الشيخ عبد المحسن بن حمد
العباد على هذه المحاضرة القيمة الواسعة ولقد أجاد فيها وأفاد واستوفى المقام حقاً
فيما يتعلق بالمهدي المنتظر مهدي الحق ولا مزيد على ما بسطه من الكلام فقد بسط
واعتنى وذكر الأحاديث وذكر كلام أهل العلم في هذا الباب وقد وُفق للصواب وهُدي للحق
فجزاه الله عن محاضرته خيراً وجزاه الله عن جهوده خيراً وضاعف له المثوبة، وأعانه
على التكميل والإتمام لرسالته في هذا الموضوع(2). وممّا تقدّم، يظهر بجلاء أنّ
الاعتقاد بالمهدي عقيدة إسلامية آمنت بها الأمة الإسلامية وأنّ من يجعلها من عقائد
الشيعة فقط، فلا يلتفت على كلامه، لاشتهارها بين المسلمين كافة على اختلاف مذاهبهم،
ومن راجع المصادر المذكورة يقف على أنّ حفاظ الأمة وعلماءها معتقدون جداً بأنّ
المهدي الموعود من أهل البيت عليهم السلام وهو الذي يخرج في آخر الزمان ويملأ الأرض
عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.
* رأي الكتاني
وهنا رسالة لمدير إدارة المجمع الفقهي الإسلامي محمد المنتصر الكتاني حول المهدي
نقتبس، منها ما يلي:
"المهدي آخر الخلفاء الراشدين الاثني عشر الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وآله
في الصحاح، وأحاديث المهدي واردة عن الكثير من الصحابة يرفعونها إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله، ثم ذكر أسماء عشرين صحابياً، وقال: هؤلاء عشرون منهم ممن وقفت
عليهم وغيرهم كثير وهناك آثار عن الصحابة مصرّحة بالمهدي من أقوالهم كثيرة جداً لها
حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد فيها، ثم ذكر المعاجم والمسانيد التي وردت فيها
أخبار المهدي وذكر أيضاً أسماء من أفرد كتاباً في المهدي: أبو نعيم في "أخبار
المهدي". وابن حجر الهيثمي في "القول المختصر في علامات المهدي المنتظر". والشوكاني
في "التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح". وإدريس العراقي
المغربي في تأليفه "المهدي". وأبو العباس بن عبد المؤمن المغربي في كتابه "الوهم
المكنون في الردّ على ابن خلدون"(3).
* حامد حفني داود
وقد أجاد الدكتور حامد حفني داود المصري كثيراً، حينما قال: والخلاف بين السادة
السنة والسادة الإمامية ليس خلافاً على جوهر القضية، وإنّما الخلاف في قضية شكلية
للغاية، فالسنة(4) يرون أنّ الله يخلق المهدي في أوانه وفي أواخر الزمان حين تشتد
الأزمات، وتبلغ القلوب الحناجر، وأنّه من بيت النبوة، من ولد فاطمة وأنّه من
الأشراط الكبرى للساعة كما نصّ على ذلك الحديث الشريف، والشيعة الإمامية يرون أنّه
هو الإمام محمد بن الحسن العسكري، وأنّ الله سيخرجه في آخر الزمان ليحكم بين الناس
على النهج السمى الذي سار عليه علي وأبناه سلام الله عليهم. وهذه الخلافات تعتبر
شكلية في نظرنا لأنّ خارقة المهدي ليست محصورة في كونه يعيش ألفاً وثلاثمائة عام
فقط، بل الخارقة العظمى هو انقياد أهل الثقلين له، وإذعانهم له بالإتباع، والسير
على منهجه ومثله وقيمه الموروثة عن النبي والأئمة الهاديين المهديين من آله(5). هذا
غيض من فيض ونزر من كثير، وقد تحمل جهد البسط والتفصيل علماء الإسلام من غير فرق
بين شيعيهم وسنيهم، فأثبتوا هذا الموضوع بدلائل وبراهين واضحة، لا تقبل الشك. شكر
الله مساعيهم الخيّرة وجزاهم خير الجزاء.
(*) عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، طبع مكتبة السنة 1416هـ،
القاهرة.
(1) عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، ص19-22.
(2) مجموع فتاوى عبد العزيز بن باز، ج43، ص98، الإدارة العامة للبحوث العلمية
والدعوة والإرشاد، 1411هـ، 1999م.
(3) البيان، مقدمة المحقق، ص78.
(4) وهناك جماعة من علمائهم وافقوا الشيعة في القول بوجود المهدي، منهم: محمد بن
طلحة الشافعي في كتابه "مطالب السؤول في مناقب آل الرسول" ومحمد بن يوسف الكنجي
الشافعي في كتابه "البيان في أخبار صاحب الزمان"، وسليمان القندوزي الحنفي في كتابه
"ينابيع المودة" والشبراوي الشافعي في كتابه "الاتحاف بحب الأشراف" وغيرهم كثير.
(5) في تقريظه للكتاب "بحث حول المهدي" للمفكر الإسلامي الشهيد محمد باقر الصدر.
انظر نظرات في الكتب الخالدة: 72-73.