عدِّد و"بدون تفكير" عشرة أمور تُسعدك وتُدخل السرور إلى قلبك؟ طلبٌ توجَّه به
أستاذ صديق أثناء جلسة ودية دار فيها الحديث عن إدارة الحياة وفنونها، ما جعل
الحاضرين يغرقون للحظات في تفكير مركَّز تصفحوا خلاله أوراق الذاكرة لتحديد الأمور
التي تسعدهم!
لم تكن إلا لحظات حتى بدا واضحاً للجميع المغزى الذي رمى إليه صديقنا
بطلبه ذاك، والذي لم يكن هدفه بالطبع اكتشاف ماهية الأمور التي تُسعد كل شخص،
ونوعيتها، وكميتها، على قدر الإيحاء لكل شخص بأهمية اكتشاف مدى قربه من نفسه التي
بين جنبيه، ومدى معرفته لها حق المعرفة!
المغزى العميق هذا لم يلتفت إليه الحاضرون
فحسب، بل أثار فيهم عاصفة هزّت كيانهم، ودوّى صداه متردّداً في أرجاء أعماقهم،
ولوَّن ملامحهم بإشارات الدهشة والاستغراب، لإدراكهم حقيقة أنهم قد يكونون لا
يعرفون أنفسهم حق المعرفة، فقد تلكأوا في الإجابة عن مسألة واحدة لأنها لم تكن
محسومة لديهم، فماذا عن الأمور الأخرى؟
قد لا يكون لديهم إجابات حاضرة عنها،
لأنهم لم يدرسوا مكامن أنفسهم ليحفظوها عن ظهر قلب. "اعرف نفسك"... محصِّلة حصل
عليها الجميع، وحصلت على تأييد الجميع، مدركين أنها ليست المحصلة النهائية للهدف
المرجو، بل هي بداية لسلسلة من الخطوات المنتظرة في هذا الاتجاه، لمعرفة طبيعة
أنفسهم وقيمتها ومستلزمات الاعتناء بها، والكشف عن ذخائرها وثرواتها، وعن قواها
ومؤهِّلاتها ومواهبها، وكلُّ ذلك في سبيل تحصيل سعادتها وكمالها.