انظروا إلى أولئك الذين يتوهج مظهرهم بطابع الالتزام
بتعاليم الدين، ويحسبون أنفسهم كوادر في ركب الإيمان والتقوى، لكن أفعالهم لا تنبئ
عن التزام ولا تقوى ولا تعبّد بأخلاق الإسلام وتعاليمه.
فذاك فلان تراه مختالاً في
جلباب التكبر، يرى نفسه متقدمة عن الآخرين، ولها الأسبقية والأولوية في مسارح العز
والوجاهة. وفلان الذي يلقاك، فيشيح بوجهه عنك، منتظراً منك أن تبادر إليه، وتقبل
عليه مسلِّماً بتحية التودد والطاعة التي يفرضها علو المقامات. وفلان الذي لا يمكن
أن تقتبس من حياته أو تتعلم منها إلا حب الدنيا، والاستغراق في تحصيل متاعها
وكمالياتها.
وفلان الذي لا يرضى في مستلزمات حياته إلا الأفضل والأحسن والأغلى
والأرقى، متناسياً قضاء حوائج من يمدون إليه يد الحاجة والمسكنة. وتلك فلانة
التي لا تردع نفسها عن الغرور والتعالي والتجبر، فمركزها الاجتماعي يقتضي منها
الظهور في هالة العجب والتكبر. وفلانة التي تطلق لنفسها العنان في هتك أخلاقيات
حجابها، فتراها مبادرة إلى تصرفات وأفعال تضع حجابها في صورة مكروهة ومنفرة.
وفلانة التي لا تتورع عن أذية الأخريات و تناولهن بالغيبة والتهكم والسخرية، غافلة
عن مراعاة مقتضى وجودها تحت مظلة الإيمان والالتزام. هذه نماذج من شكوى بعض الناس
الذين يضجون في وصف أحوال فلان وفلانة، لما يرون من قبيح أفعالهم التي لا تنطبق على
حُسن الأشكال.
هؤلاء الناس قد تتعاظم الأمور في أنفسهم وقد تدفعهم شكواهم إلى
الاستغراق في ردة الفعل، فتتخطاها من التصويب على أخطاء البعض إلى اعتماد ذلك ذريعة
للابتعاد عن التدين والتصويب على كل أصحابه بدون استثناء. وهذا طبعاً لا يقترب من
تفكير المنطق ولا فعل الصواب، لأن الحياة ميدان للخير والشر، للمؤمنين والفاسقين في
معركة الحق والباطل. وعلى كل منا أن يؤدي دوره غير آبه بما يجنيه الآخرون. فلكل
حسابه في يوم الدين.