مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: حراب مقنّعة في حرب ناعمة

السيد علي عباس الموسوي



عندما حكى لنا التاريخ عن بعض المعارك التي دارت رحاها على صفحاته بين جبهة الحقّ وجبهة الباطل، وروى لنا أحداثها فإنَّه وكما قدّم لنا صورة عن المعركة وعن السلاح السائد فيها من سهام ورماح وسيوف أو غيرها من وسائل القتال الحديثة والمتطوّرة، قدّم لنا صورةً عن حرابٍ أُخرى ليست ماديّة، ولكنّها كانت تصيب مقتلاً فتُردي من أصابته في كثيرٍ من الأحيان.

وغيرُ بعيدٍ عن الأذهان شعار الاحتكام إلى كتاب الله ورفع المصاحف في صفّين، فبعد هزيمة جيش الباطل أمام جيش الحق، لجَأَ جيش الباطل إلى سلاح الحراب المقنّعة فأصاب جيش الحق بمقتل. وهذه الحراب المقنّعة أشدُّ خطراً وأعظم فتكاً من غيرها لأنّها تُردي صاحبها وهو لا يَشعر بها، أو تصيبه بأعظم المخاطر وهو في غفلة عنها، فتسري سمومها فيه فيما هو يعيش نشوة المنتصر، فلا يستيقظ إلا بعد فوات الأوان. وفي صراع الحقّ والباطل اليوم، لا يتوانى أهل الباطل عن استخدام كلِّ ما يَتوافر لديهم من سلاح وقوّة. وأعظم ما يُحدِق بالأمّة الإسلامية من خطرٍ اليوم هو خطر تلك الحراب المقنّعة التي يَستخدمها الغرب والباطل والتي تتَّخذ أشكالا مختلفةً وأنماطاً متعدِّدة.

تتمثَّل هذه الحراب اليوم بمجموعة من الشعارات التي أطلقها الغرب وبثَّها في المجتمع الإسلاميّ فسار بعض المسلمين بها، بل حملوا لواءها، معتبرين أنَّ تلك الشعارات تمثّل سياسة لا بدَّ من اتِّباعها، وأنّها ضمانة وصولهم إلى النصر، ولكن هذه الحراب لا تزال تُمعِنُ في طعنهم، ولولا وعي فئة قليلة من المسلمين ممَّن ربط الله على قلوبهم لفتكت تلك الحراب بالمسلمين وأردتهم. فشعار السلام هو من أعظم تلك الحراب القاتلة التي تخفي في باطنها أعظم أنواع الباطل، لأنّها تعني التنازل عن الحق ونسيان المظلومية التاريخية، لأجل إحلال السلام المزعوم، ولكن هذا الشعار أصبح وسيلة يتمسك به بعض المسلمين مفتخراً بأنّه يحمل لواءاً، ويساعد بذلك على قتل نفسه.

وشعار الضعف والاستسلام والاعتراف بافتقاد القوة والقدرة على المقاومة والصمود هو من أعظم الحراب التي أدت إلى هزيمة المسلمين أمام المستكبرين، فقد بثّها الاستكبار في نفوس المسلمين ونهض علماء الإسلام لا سيما الإمام الخميني قدس سره ليثبت بطلان هذه المقولة؛ لأنها تتنافى مع التعليم الإسلامي الذي يرى في الاتكال على الله عاملاً لنصرة الفئة القليلة على الكثيرة. وأما الدرع الواقية من إصابة تلك الحراب فهي التأكيد على شعار الحق والمظلومية الذي انطلق من حناجر الفئة القليلة الصابرة والمحتسبة. إنّ من واجب الأمّة أن تتدرَّع بما أمكنها لكي تمتلك القدرة على صدِّ تلك الحراب ويتمثَّل ذلك بالوعي الثقافي والفكريّ الذي يحصِّن الأمّة ويجعلها مصونةً من أن تُنَال بسوء، فكلَّما ازداد وعيها وازدادت ثقافتها كلَّما أمكنها أن تكون أهلاً للنُّصرة الإلهيَّة. وتزداد المسؤوليَّة على الفئة المتعلّمة والواعية لكي تُحيط بما يُحاك حولها، لأنّها المحصّنة من أن تنالها تلك الحراب، ومسؤوليَّتها تتمثَّل بأمرين:
1- الكشف عن تلك الحراب المقنّعة عبر عمليّة رصدٍ مستمرٍ لكلِّ وافدٍ من الغرب يدخل إلى مجتمعنا المسلم، مع الحذر من الاستهانة بأيِّ شيءٍ من ذلك.
2- العمل على زيادة الوعي لدى الناس، لكي لا تنقلب مع تلك الشعارات على واقعها.

هذا كلُّه ما أكّد عليه ولي أمر المسلمين في خطاباته المتكرِّرة عن الحرب الناعمة التي يَعتمدها الغرب للفتك بالمسلمين، وأكَّد على لزوم الحذر منه من خلال ازدياد بصيرة الناس ووعيهم.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع