- أيها الإمام المجتبى ضاء اسمك بالحسن، جادت به عليك عين المصطفى، تقودني الآن إلى
عتبة لك خطوات تهدج الريح بها، في حنين، كأنه شفع من وتر دون أن يتعثّر بها نجم
خفقت به الليالي الآفكة فقطعن عنه موصول الشعاع..
أتراني أدرك وأنا أهز هذه الخطوات الآن إليك... كم أنت الوارث العظيم، وكم هي
الأجيال لا تزال حتى الآن بحاجة إليك: ترقق لها المفاصل، وتفك عن أوراكها عقد
المعاضل، بنهج كأنه ممزوج من بلاغة أبيك في الإدراك،
وعجينة أمك في
تحمل القذى، ومرامي جدك إلى عجن الإنسان وخلقه من جديد في عملية التسليم والتوحيد!
أتراني أصيب إذ أشبهك بنهر الكوثر؟ أم أنك لا تزال ترفل في ظلالٍ هي منه أسخى وأوفر؟
ولكن الذين كانوا مدعوين إلى تناول المنهل، بدلاً من أن يتذوقوه، هدروه فيا لظى
الحلق إليك، أيها الكوثر المهدور!..
-... وها إني أهفو إلى
قلمي حتى يطيب فقرع الباب عليك بهفو المسافات يا سيدي فإنها لا تزال هي التي تهفو
إليك هفو الرياح في الفضاء - وبابك لم يقفل حتى يقرع - فهو هو ذاته في صدارة
المحراب، لأنك أنت المسافة التي ليست لأن يقطع إليها، بل لأن توصل بها المسافات.
-... أيها السبط الذي ارتبطت به الأواصر، وانتهت إليه مفاصل الحقب، كأنك همزة الوصل
بين ثقل وثقل، في حوملة تمتزج فيها البدايات بالنهايات.
-... أيها الأذن التي أصغت إلى الحفيف فغارت بها أنغام إلى القعر الذي التهب بالصمت
والوعد وفيض التمني..
أيها المجتبى، أيجوز لي أن أقول - إذا اختصرتك بوصف - إني وصلت إليك؟!.
- كأنك طيف تخف خطواته مع كل دغشة ندية تحلم بها المقاطع المارجة بأفواج
الرياحين. ربما يكون لي من هنا أن اكتشفت شوق جدك العظيم إليك وهو يشمك ويقول: أنت
ريحانتي الندية كأنك هكذا قد ولدت شِعْراً في باله..