نهى عبد اللَّه
أوصدت الممرضة الباب بعدما أطفأتِ الأنوار، لينعم السيد
"محمّد" بنوم هانىء، لعلّه يقوى على مرضه. بعد برهة قصيرة، استيقظ ولم تمنعه العتمة
من ملاحظة شخصين يشرفان عليه، ليبادره أحدهما: "من هو ربّك؟".
لم يكن الموت أمراً مفاجئاً لمريض مؤمنٍ بالله، لكن... "يا لهيبته!" حاول التسبيح،
لكن عاجله الثاني: "من هو نبيّك؟" لم يكن سؤالاً صعباً أيضاً، لكنّه تلعثم، استنكر
سائله: "ألستَ سميّه؟" إنّها الجملة التي لازمته طوال حياته:
والده: "أسميناك تيمّناً بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، لتكون مباركاً
صالحاً".
جدّه: "بورك لنا، البيت الذي فيه محمد، تحلّ فيه البركة".
جدّته: "لا تصرخوا عليه ولا تهينوه، فاسمه محمد".
المُدرّسة التي علّمته رسم حروف اسمه: "أنت على اسم النبي، اسمك سهل الكتابة
جميل النطق"، لتردف جملتها بالصلاة عليه وعلى آله.
والدته، عندما انتزعته من شجار مع صديقه، لتهمس في أذنه: "آذيت صديقك، وهو
يتيمٌ لن يجد والديه ليشكوك إليهما. والنبي كان يحبّ الأيتام ويفيض عطفاً عليهم،
أليس اسمك اسمه؟!". يومها عاد إلى صديقه واحتضنه بشدّة، ولم يقوَ بعدها على خصامه.
رئيسه في العمل: "أضع فيك ثقتي؛ لتمسّكك بالأخلاق والأمانة، لعلك بذلت جهداً
لتكون اسماً على مسمّى!". كانت كل مواقف حياته سؤالاً يكشف له وجهاً من وجوه النبيّ
محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. تكفي لتعود الحرارة إلى قلبه، ليجيب سائله: "إنّه
النور الذي اهتديتُ باسمه كل حياتي، بمحمّد صرت عبداً لله".
قد يُؤثّر الاسم على صاحبه، وقد لا يفعل، لكنّ من المؤكّد أن وقع الاسم قدسيٌّ،
وحروفه سببٌ كافٍ لتكتشف كيف يكون الانتماء إليه، وكمَّ الحبِّ في قلوب الآخرين..
وسيكون عبْرهم مُعلماً وهادياً لك، إن حفظت ذاك الاسم، "محمّد" صلى الله عليه
وآله وسلم.