إحدى القوى التي تمكن الإنسان من النصر في حرب الداخل هي "رحابة الصدر".
الإنسان لديه بعدان ماديٍّ ومعنوي، البعد المادي يسمى الجسم، والبعد المعنوي يسمى
الروح، وهذان البعدان في حرب مستمرة. هذه الحرب الداخلية سمّاها الإسلام "الجهاد
الأكبر" ونحن إذا تمكنا من أن ننتصر في هذه الحرب وأن يتغلب بعدنا المعنوي على
جانبنا المادي سنكون مرفوعي الرأس ونستطيع الوصول إلى الهدف وسنكون بلا شك سعداء في
الدنيا والآخرة.
فماذا يجب أن نفعل لكي ننتصر في هذه المعركة الذاتية وهذا الجهاد الأكبر. أولاً يجب
أن نستعين بقوي من الخارج وإلا لن نستطيع أن نفعل شيئاً لوحدنا.
فالقرآن الكريم قد عيّن قوى لنجدة الإنسان.
إحدى هذه القوى الصلاة. الآية تقول:
﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ
عَلَى الْخَاشِعِينَ
﴾ (البقرة/ 45).
القوة الثانية التي تنجد الإنسان في هذه المعركة الداخلية هي قوة الصبر. الصبر في
العبادة والصبر في المعصية، والصبر في مواجهة المشاكل.
كذلك التوبة من الذنب هي إحدى تلك القوى، ومن سورة
﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾
نتعرف إلى ثلاث قوى أخرى إذا لم تكن أقوى من القوى الثلاث المذكورة فهي في نفس
مستواها من القوة.
يقال عن المسلمين في صدر الإسلام إنهم عندما كانوا يلتقون مع بعضهم البعض، وبعد
السلام وبدل أن يجاملوا بعضهم كانوا يقرؤون سورة:
﴿وَالْعَصْرِ﴾مثلاً
واحد منهم كان يقول:
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمَِ﴾
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، والآخر يقول:
﴿اِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (سورة العصر).
هكذا كان سلوكهم الذي هذبهم، وهكذا عاشوا في فترة خمسين عاماً تمكنوا خلالها من
السيطرة على نصف العالم، وأحدثوا تغييراً جذرياً في مسيرة تطور البشرية. إذا قمنا
جميعاً، عندما نلتقي ببعضنا البعض وبعد السلام بقراءة سورة:
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾
لبعضنا البعض، سنحظى بجدية نحو الكمال، مثلاً عندما نلتقي يقول واحد منا بعد التحية:
﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمَِ﴾
﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾
﴿ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
﴾
﴿ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴾﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾،
وآخر يقول:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾
﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾
﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ﴾
﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ (سورة الانشراح).