ديما جمعة فوّاز
يضجّ كوكب الأرض بالناس.. ما يزيد على سبعة مليارات مخلوق
يتشاركون الحياة هنا.. وستذهب ليولد غيرها. مع كلّ شهيق وزفير عمل مقبول وآخر مرفوض..
وهو سبحانه يحصي أنفاس كلّ الخلائق!
كلّنا نلجأ اليه. ولكلّ منا لغته الخاصّة التي يحدّثه بها وأمنياته التي يضعها بين
يديه. أياً كانت نظرتنا إليه فإنّنا جميعا نحلّق حول أنواره ونلتمس فيوضاته..
لا تكن مغروراً فتحكم على الآخرين، مدّعياً أنك الأقرب إليه، فهو كتب على نفسه
الرحمة دون أن يخصّ بها طائفة أو جماعة. وحين تحدّث عن أسمائه وصفاته كانت دعوته
إلى الجميع أن يتفكّروا فيه ليعرفوه ويصلوا إليه. وطرقهم متنوّعة.. بعدد أنفاسهم!
بَثَّ في كلّ واحد منا قبساً من روحه، نأنس حين نُناجيه، يقرّب الداعي إليه حين
يدعوه دون أن يشترط أسلوباً أو كيفيّة، يعتبرنا جميعنا عياله ولا يميّز بين ذكر أو
أنثى، عربيّ أو أجنبيّ، وهو أقرب إلينا من الآخرين، بل أقرب من حبل الوريد.
يمكنك أن تتخيّل كمّ الأنين الذي يرتفع كلّ ليلة من قلوب الوالهين في مختلف بقاع
الأرض. لا تدع خيالك يقف في حارة أو بلد أو قارّة، بل حرّر فكرك وادخل إلى القصور
كما المنازل الحجريّة، تسلّل إلى الأزقّة الضيّقة كما الأبنية الفارهة ففي كلّ بقعة
من بقاع الأرض، دعاء يرتفع.. بعدد أنفاس الخلائق!
ها هي كارولين تضيء شمعة وتركع قربها تصليّ وتتضرّع لخالقها كي يطيل من عمر والدها
المريض.. وهذا عليّ يرفع بعد منتصف الليل يديه قانتاً لله طالباً منه أن يأخذ بيده
ويكتب له النجاح في امتحانات الدخول إلى الجامعة.. بينما تسجد لينا للباري وتتوسّل
إليه أن يوافق والدها على ارتباطها بوسيم لتكون حياتها أجمل.. وقبل أنْ تغفو عينا
داني يتمتم راجياً من الربّ أن يحصل على الوظيفة التي تقدّم إليها..
استغلّ عمرك وشبابك لتكون من ضمن من يرفع يديه كلّ ليلة ليبثّ شكواه إلى الله،
والأهمّ من ذلك أن يسأله حُسن العاقبة.. وتذكّر دوماً أنّ طرق الوصول إليه هي بعدد
أنفاس الخلائق.