في ذكرى حرب التحرير لهذا العام جلست أتابع مشاهد وأحداث ذلك اليوم المجيد حين فرّ العدو وعملاؤه وتركوا حتى طعام إفطارهم ساخناً خلفهم. نعم لقد فروا جبناء أذلاء خوفاً وهلعاً من انتقام أصحاب الحق والأرض بعد أن عاثوا فيها لسنين عديدة خراباً وفساداً.
بدأت أتابع فرح الأهالي وتحرير الأسرى، وإحساسي كأنّ ذلك حدث بالأمس. ثم لم ألبث أن انتقلت بذكرياتي إلى النصر الآخر الذي تحقق بعد سنوات قليلة، ذلك النصر العظيم.
في أول أيام الحرب حرب تموز، اشرأبت الأعناق واتجهت القلوب والعقول نحو الجنوب. حرب سبق وخَطط لها العدو الغاصب. جهنّم اندلع أوارها، هنا صواريخ الطائرات وقذائف الدبابات والسفن كلّها تلقي حممها... كنّا نجلس أمام التلفاز نتابع بقلوب متوثّبة أرواح وأنفاس المقاومين البواسل، رغم أننا لم نرَ أياً منهم، فقد كنّا نراهم من خلال سماحة السيد (حفظه الله). كنا نثق بإيمانه وبثقته بالنصر. كنا نعيش النصر، منذ اليوم الأول، لأنّ الله سبحانه وتعالى قال:
﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7).
وكنت أحصي عدد القرى التي وقع عليها الاعتداء فكانت أكثر من ثلاثمائة بلدة. كانت دموعي تنساب تلقائياً وأنا أرى الأطفال تُنتشل من تحت الأنقاض. وبقي هذا الحزن يلازمني طويلاً.
وأجدني الآن أحلّق... أحلم وسائر العرب والمسلمين بنصر جديد، ذلك ما وعدنا به سماحة المنصور دائماً، بإذن الله. حين قال: إن المعركة الجديدة ستكون على أرض فلسطين إن شاء الله.
مها سليمان/ سوريا