مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

في رحاب بقيَّة الله: تهذيب النفس تمهيد لصاحب الزمان عجل الله فرجه

الشيخ علي خشّاب


قال تعالى: ﴿بقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ. وقال سبحانه: ﴿وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَألْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها. من جملة الأسئلة المطروحة لدى كثير من المؤمنين السَّالكين نهج الحقيقة، سؤالٌ ألا وهو هل أنْ تهذيب النفس يساهم بصورة مباشرة في تمهيد الأرض لقيام الحجّة صاحب الزمان عج وكيف؟

في البداية وبصورة علميّة ومعرفيّة ومنهجيّة، فالإمام صاحب الزّمان عج باعتباره خليفة الله في هذا الوجود المهيب وحجّته على هذا العالم كلَّ هذا العالم وهو وفق الظّروف وقانونيّة الأسباب يحتاج لتحقيق الأغراض الإلهيَّة المقدَّسة أن تكون الأرضيّة مهيّأة لتلك الغاية الرّبانيّة الكبرى الظهور المبارك وتحقيق العدل التام والتي تمثّل عصارة الرّسالات النورانيّة الحقَّة، ولولا هذا الظهور المبارك بطبيعة الحال، لما كان بالإمكان بشريّاً تحقيق المقاصد الإلهيّة.

فمن هنا تعتبر مسألة التمهيد مسألة ذات بُعد إلهي وفق ناموس ربّاني من النواميس والسّنن الحياتيّة المختلفة، والإنسان هو المحور البنّاء والأساس بحسن اختياريّته في هذا المضمار، حيث أنّ مشيئة الله في هذا الأمر تقضي بأن يتمّ الظُّهور المبارك لخلاص البشريّة من تِيه الظلمات ومخالب الإنحراف وبراثن الضّلالة في عالم الاختيار الإنساني بما يحقّق الغرض المنشود. فتهذيب النفس البشريّة عنصر من العناصر الأساسيّة في عمليَّة تمهيد الأرض وتهيئة الظّروف والمناخات التربويِّة والمعرفيّة والرّوحيّة المساعدة بصورة جذريّة في تحقيق الهدف الكبير من الظهور المبارك لشمس الحقائق الرّساليّة الإمام صاحب الزَّمان عجل الله فرجه. والإنسان بطبيعة الحال وهو يعرج في عالم الطّاعات في حركة قوسه التصاعديّ اتجاه المعارف الرّوحيّة والتربويّة النورانيّة المفهمة بالمبادىء والقيم والأسرار الملكوتيّة، يساهم بشكل كبير في تمهيد وتعجيل هذا الظُّهور ليس إلا منْ باب تُوفّر الشّرائط والمناسبات والظّروف المساعدة، والتي منها تهذيب نفوسنا وتطهيرها من قوى الأنانيّة والعصبيّة، وتنزيها من ملكات السّوء وما إلى ذلك من الرّذائل وسفاسف الحياة الماديّة في هذا النطاق. فالنفس البشريّة الملأى بصخب الذّنوب الظّلمانيّة من خلائط الشهوات ونيّة النزوات إذ تشكّل عائقاً أمام السّلوك النورانيّ للإنسان اتجاه شواطئ السَّعادة وسواحل الطمأنينة والوصول إلى هذه المنازل العليا في تهذيب الرّوح وصقل النفس وبناء الذّات حيث لا تكون إلا من خلال المنهج الرّبانيّ المقدَّس. حيث إنّه في عمليّة التغيير الكبرى بحاجة إلى إنسانيّة استثنائية مخلصة ومتفانية في ذات الحقّ تبارك وتقدّس.

وعلى هذا، فالسَّالك في مطاوي هذا العالم الظّلمانيّ نحو تحقيق الكمال اللائق بنفسه عليه أن يسعى إلى تطهير حنايا نفسه من أدران المعاصي وما يعتريها أو ما يشوبها من أخلاط الأعمال التي لا يرتضيها الشّارع المقدّس سبحانه وتعالى في تشاريعه المباركة المنصوص عنها في كتابه ومدرسة الحقيقة المحمّدية المتمثّلة بأهل البيت عليهم السلام. فمراقبة النفس وتهذيبها والعمل على تحصينها أمام المخاطر الإبليسيّة والسَّعي الدّؤوب والمتواصل نحو تنمية قدراتها من خلال ترويضها على التقوى كما ومن خلال دراية مخزونات الكتاب الإلهيّ العابق بأزاهير المعارف السّامقة من بحبوحة الملكوت الأعلى إذ أنّ كلّ ذلك يساهم في بناء روحيّة الإنسان وتهيئة الأرضيّة اللازمة والمرجوَّة لخروج الإمام صاحب الزّمان عج. فلذلك علينا من خلال الحكمة العمليّة تهذيب أنفسنا أخلاقيّاً حديث الرّسول صلى الله عليه وآله  الأسوة الحسنة لنا لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً.

وقد جاء معظماً أخلاق النبي صلى الله عليه وآله  بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ. كما وعلينا في هذا النّطاق، أن نكون من أهل المراقبة لنفوسنا بكلّ عناية ولسلوكنا وأعمالنا، ونخشى الله تعالى حقيقة الخشية، حيث يكون هو الحاضر، والشاهد، والحاكم يحصي علينا أنفسنا وما اجترحته جوارحنا كما هو الحقّ والواقع. فمن هنا، يغدو من الواجب على أهل العشق لمولانا صاحب الزّمان عج الذين ترنو نفوسهم إلى رؤية غرّته الحميدة والإستنارة بنورانيّة قداسته المجيدة أن يطهّروا ذواتهم من كلّ علائق الدّنيا وإشراكهما المتنوّعة.

وبناءً على ما نقدّم؛ نحن ندرك أنّ الظهور المبارك والذي يهدف إلى تغيير معالم الحياة كافَّة إذ تبرز أهميّة الظروف والمواصفات والشّرائط الضّروريّة. إذن، تعالوا كي لا تكون أداةً مانعةً وعقبة كؤود إمام ظهوره الشّريف. لنعمل بجدٍّ كي لا نسمح للشّيطان في مخالطة أنفسنا ولا للنَّفس الأمَّارة بالسّوء بأن تغرّنا وعلينا أن نركّز على إصلاح نفوسنا وتهذيبها وقلوبنا حتى ننال منتهى السّهادة الروحانيّة والتي لها انعكاسات على عالمنا الأخرويّ.

ومن المعلوم أيضاً أنّه عج مطّلع على أعمالنا ونوايانا من خلال اطّلاعه على هذا العالم وقد أكّد الإمام الصّادق عليه السلام هذه المقولة في تفسيره للآية ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس حيث قال: "نحن الشهداء على الناس بما عندهم من الحلال والحرام وما ضيعوا منه". لذلك ترانا بحاجة إلى رسم برنامج عباديّ روحانيّ ليتحقّق لدينا المعرفة والتمهيد.
ثانياً: الإخلاص لله دون سواه.
ثالثاً: السّلوك في عالم مدارج الكمال بحركة تصاعديّة معنويّة كاملة.
رابعاً: القُرب من الحقائق الملكوتيّة.

وكلّ هذا يساهم في تهذيب نفوسنا ويتحقق الأرضيّة الصّالحة لظهوره المبارك. وعليه، يتأكّد مرّة جديدة أنّ تهذيب النفس عنصر أساسي في عمليّة التمهيد الكبرى للإمام الحجّة صاحب الزّمان عجل الله فرجه.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع