الشيخ فادي سعد
ثرياك لا الشعرى ولا فرقد العلى |
نضت داجيّ الآفاق مذ عصف البلا |
تضاهي بدور الحالكات بأسفعٍ |
بهاءً، وهالات البدور تجملا |
إلى عاملَ الطود الذي ظل شامخاً |
صبت أنفس تبني من المجد معقلا |
وقد عزمت أن لا تؤوب ذليلة |
وإن كان جيش العرب أب مذللا |
إذا ما أصابت غرة المجد حربها |
ليظفر فيها فارس غال جحفلا |
تروم بها خلد العدالة آخراً |
وتنهي بها عصر الظلامة أولا |
على أنها الأيام صرن بواكياً |
من الذل، والحرُّ الأبيُّ مكبلا |
ولكن أسود لا تهز بوقعة |
علت بشموخ رائدٍ كلّ من علا |
بأثقل من رضوى وسيناء وطأة |
أشد وما كانت لتعدل معدلا |
تهد قلاع الجحد عقبى حصونها |
إذا ما غدا قلب المدافن منزلا |
فما كل من رام الخلود بخالد |
إذا لم يجرد في المعارك فيصلا |
وليس هماماً من يُخيل نائياً |
إذا ما امتطى فيها أغرّ محجلا |
إلى رحم الهيجاء حيث تجمعوا |
وقد عقدوا تحت الأسنة محفلا |
هم الفتية الأبرار أهل خطوبها |
أبوا أن يروا باب الكرامة مقفلا |
فما أنزلت بالساح إلا مدججاً |
وما بلغوا الغايات إلا بأعزلا |
أبا ياسر أجريت في أرض عامل |
لنا كوثراً من فيض روحك سلسلا |
أرادوا بأن تُنهى مُذالاً فخُيِّبوا |
وظَلتَ بمنظوم السناء مكللا |
فبتّ لأمجاد الأماجد مؤثلاً |
وعدت لثورات التحرر مشعلا |
غدت فيك أحلام السراة وقائعاً |
بصرح الذي حجت إليه وما خلا |
سموت ولم تخشَ الصعاب مدللاً |
حيارى سهام إن تصب منك مقتلا |
فلن يسقط النسر الحلق عالياً |
أن اسْودَّ رحْبُ الراسيات أو انجلى |
ولن تحجب الدارات ديمة غائم |
وإن أمطرت فوق الهضاب دماً غلا |
ليخضوضر السهل الذي ظل بلقعاً |
وينعم بالزرع الذي كان مُسهلا |
وقد سقيت دمع الثكالى مروجه |
على أنها بالدمع ترجع أثقلا |
سطا الليث كراراً عليهم منازلاً |
وهب هبوب العصف ثم تهللا |
يجندل أركاناً من اللد مقبلاً |
ولست ترى فيهم على الوقع مقبلا |
فعاد الأُلى جاؤوا لذلةٍ أنفسٍ |
وقد جلببت بالذل في خيبر الأُلى |
وقد أجّجوا للحرب ناراً فأُحرقوا |
وخلت لها الأبطال نحراً وكلكلا |
رموا حارقاً منها فأصبح بارداً |
ولجّوا بأعلاها فأصبح أسفلا |
وما شمخوا إلا برافد يعرب |
بأقصر ما نبغي الجناة وأطولا |
وما ضربوا إلا وكان ملوكها |
لهم سيفها في الغدر حين تحولا |
ولو صدقوا فيما ادعوا لوجدتهم |
يولون أدباراً إذا رمت أهولا |
ستفنى ملوك من جزاء فعالها |
إذا أكلت شهداً لتطعم حنظلا |
ويسقط تيجان السلاطين بزغها |
لترجع للأملاق تقصد مرملا |
أبا ياسر ما الموت إلا شريعة |
لنا فيه نهجٌ بالفداء تمثلا |
وليس امرؤ في الناس ظل مؤملاً |
بما زينت دنياه إلا مغفلا |
لئن غادر الجسم الطهور فناءها |
وطافت له الآلاف ترفع محملا |
ستبقى له الآلاء تصبح حرة |
وتنتفض الآلام من سدم الملا |
بفيحاء سهب الخلد تحت ظلاله |
لها الروض أضحى كعبة وتجللا |
وظل نجيع الجرح من كربلا له |
سيول من لأحشاء أنبتت الكلا |
دعاك إليه الخلد والجهد والإبا |
وما قلتَ قولاً فيه إلا لتفْعلا |
هي الروح لمّا أشرقت وتوسطت |
سما عامل تجلي من الليل اليلا |
بدا وجهك الوضَّاء مصدر نورها |
وكم كوكب فيه أطال التأملا |
تمد يداً للَّه تحمل صيقلاً |
وبالصيقل البتّار ترتفع العلى |
قضى اللَّه أن تبقى ويفنى العدى بها |
وحاشا لحكم اللَّه أنم يتبدلا |
(*) القصيدة حائزة على جائزة المؤتمر الشعري الذي عقد عام 1992 لاختيار أفضل قصيدة في رثاء سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي رضي الله عنه.