علّمتني الزهراء،
أصنع من جرحي باقة أزهار،
من دمعي نصراً وظَفَر...
علّمتني،
أن أحمل دمعي فوق الوجنات،
وعيوني تندف آهات،
فأناجي اللَّه بلا كلمات...
وأقرأ حزني دعاءً سحَرَ...
علّمتني،
كيف ألقّن جلاّدي درساً في الصدق،
وأرسم فوق جبيني رسالة حقّ
واجعل من وجعي تسبحية.. وصلاة
الليل...
علّمتني،
أن ألملم آهاتي المنسيّة،
أن أتوجّه كل صباح،
بفؤادٍ محترق لاحب،
وبوجهي المكتئب الشاحب،
فأناجي وأدعو "يا ربّ"...
علّمتني الزهراء.
حين فرشت صلعها المكسور
لعشّاق اللَّه درب عبور،
أن الجسد سجن الروح.
أن أجعل دمي زيتاً لقنديل،
يضيء درب المهاجرين إلى بلاد النور...
علّمتني عيون الزهراء،
كيف أحيا أبيّة،
فاجعل موتي قضيّة...
وأن العيش رغم الجراح،
منتهى الحرية...
علمتني أم الأئمة،
كيف انتصر بدمي ودموعي
بلا بندقية...
علّمتني، أن الغنى هو أن أملك ثوباً
واحداً،
وأن أسكن في بيت الأحزان، فأكون أميرة
حزني...
لا أسيرة هذه الدنيا الدنيّة...
علّمتني ألاّ أسجد للظالم...
وأقول حسبي أني فتاة.
بل أن أصبر وأقاوم...
من خدر الزهراء،
تعلّمت معنى الطهر.. ومعنى النقاء..
معها تعلمت سرّ الصمت.. وسرّ الصلاة
وسرّ الدعاء...
وتعلّمت كيف أكون كزينب،
فاجعل أيامي كربلاء...
في بحر عينيها، استمدّيت طوق النجاة،
وأدركت كنه الحياة...
وعرفت أن الدنيا مطار صقيع،
وأن العمر جواز سفر...
علمتني، أن أراها قدوةً لا ضحيّة،
أن أحبّها كما لم أحب أحداً قطّ...
علّمتني، أن الغربة هي ألاّ ترضى عني
دموعها.
وأن الوحشة هي ألاّ يغمرني دفء عينيها
النوراني...
وأن الحزن هو ألا أتألَّم لحزنها الرسالي،
وأن قمة الجهل،
هو ألاّ يعلّمني ضلعها المكسور، كيف أحبّ
اللَّه..
ميرنا عباس نحلة