مركز الإمام الخميني قدس سره الثقافي
أقام مركز الإمام الخميني الثقافي ندوة فكرية تحت عنوان: "القرآن الكريم والصراع على الإسلام" استضاف فيها كل من الشيخ مصطفى قصير مدير عام "المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم" تحت عنوان: "أطروحة الجهاد على ضوء القرآن الكريم" والشيخ مصطفى ملص عضو "مجلس أمناء تجمع العلماء المسلمين" تحت عنوان: "نظرة القرآن الكريم للأديان الأخرى" وقد حضر الندوة حشد من الشخصيات العلمية والأكاديمية والمهتمين.
ومما جاء في كلمة الشيخ مصطفى قصير: "في البداية لا بد من تلخيص جملة مقدمات في نقاط:
أولاً: الأديان السماوية والأعراف البشرية في مختلف الأزمنة والأمكنة تعترف بحق الأفراد والجماعات والأقوام والأمم بالدفاع عن الأنفس والأموال إذا تعرضت للاعتداء والظلم، بل الدفاع عن الحقوق المعنوية كالحرية الفكرية والاستقلال والشرف والكرامة، وهم يبذلون في سبيل حمايتها الكثير من الغالي والنفيس. والحرب الدفاعية الهادفة إلى دفع الظلم والعدوان واسترجاع الحقوق، وحفظ الاستقلال وحماية الأموال والأنفس، وصيانة الشرف، هي حرب مقدسة في نظر الدين والإنسان بشكل عام ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ و﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾.
ثانياً: العدوان مستقبح والظلم مرفوض، وقد جاءت الأديان الإلهية ومنها الإسلام لترفض ذلك وتحرر الإنسان من الظلم ولترسي دعائم العدالة الاجتماعية، وهذا أيضاً من المسلّمات ﴿وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾.
ثالثاً: امتلاك القوة والسلاح والاستعداد لمواجهة الظلم المفترض والمحتمل من شأنه أن يحدث منعة وحصانة يحول في كثير من الأحيان دون تحقيق الظالم لأطماعه، بل ربما يردعه عن التفكير بالإقدام على العدوان، وعليه، فإن الإعداد والاستعداد إذا لم يدفع إلى العدوانية أمر مستحسن وضروري جداً ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...﴾. ومما جاء في كلمة الشيخ مصطفى ملص: "إن القرآن الكريم كتاب هداية للإنسانية، والرسالة التي يحملها للبشرية هي دعوة التوحيد، والموقف الذي رسمه القرآن من الأديان الأخرى يتلخص في نقطتين:
النقطة الأولى: موقف القرآن من معتقدات الأديان الأخرى، إنطلاقاً من مسألة إثبات الوحدانية ونفي الشرك؛ قام القرآن بمناقشة عقائد الكفار والمشركين وأقام الحجة على بطلانها وردّ عليها الردود التي تستحضر العقل ليكون الحكم والحاكم فيما اختلف فيه كما كان صريحاً وحاسماً في مسائل الإيمان فلم يجامل ولم يساوم وإنما وضع النقاط على الحروف ورفض كل ما لا يتوافق مع دعوة التوحيد.
النقطة الثانية: موقف القرآن من وجود الأديان الأخرى؛ أعطى القرآن الكريم للآخرين الحق في الوجود ولكنه أراد القضاء على الشرك والكفر وليس القضاء على الكافرين والمشركين، فالمواجهات مع الأديان الأخرى لم تكن بسبب العقيدة الدينية وإنما لأسباب سياسية وعسكرية، نعم ربما كانت في بعض الأحيان لأسباب دينية. وإذا استقرأنا الآيات القرآنية نجد أن كل الآيات التي تدعو إلى الشدة واستخدام القوة إنما تكون في مجال المواجهة العسكرية وليس في مجال الصراع الفكري أو الاعتقادي أو الإيماني، وعلى العكس من ذلك نجد أن القرآن في ميدان التعايش والتعامل يدعو لإقامة أفضل وأحسن العلاقات والمعاملة بالبر والقسط والحوار بالحسنى".