مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

وصايا العلماء: أطلق صرخة الاستغاثة على أعتاب معبودك‏

الشيخ حسين كوراني‏


هذه محاولة ننتقل معها إلى مجالس العلماء بكل ما تحفل به من رحيق براعم الوحي وأزهاره، وشذا عطرها المحمدي، وأريجه المتضوع.

وما زلنا في مجلس الإمام الخميني عليه الرحمة والرضوان:
* أيها العزيز اطلب الاستعانة من اللَّه تبارك وتعالى في كل آن، وأطلق (صرخة) الاستغاثة على أعتاب معبودك وقل بعجز وإلحاح: يا إلهي! إن الشيطان عدو مبين، قد طمع بأنبيائك وأوليائك الكبار! فخذ أنت بيد عبدك الضعيف المبتلى بالأماني والأوهام الباطلة، والخيالات والخرافات الفاسدة ليستطيع مواجهة هذا العدو القوي.

إلهي خذ بيدي في ميدان الحرب مع هذا العدو العنيد، الذي يهدِّد سعادتي وإنسانيتي، لأتمكن من إخراج جنوده من مملكتك الخاصة، وأحول دون أي تصرف لهذا الغاصب في بيتك المختص بك(1). لنفرض أن الإنسان يمكن أن يصل إلى مبتغاه، فكم هي المدة التي سيدوم له فيها ذلك؟

* كم ستدوم له قوة الشباب؟
عندما يقبل ربيع العمر على الخريف، وتتلاشى العزيمة من القلب، والقوة من الأعضاء، وتتعطل الذائقة، فلا تدرك حقيقة الطعم، وتتعطل العين والأذن وقوة اللَّمس والقوى الأخرى، فإن الملذات كلها تصبح ناقصة أو معدومة، وتهجم الأمراض المختلفة، فلا يبقى للإنسان غير المياه الباردة والقلب المملوء ألماً، وحسرة وندامة. إذاً، مدة استفادة الإنسان من قوى جسمه هذه، منذ ما بعد التمييز بين الحسن والقبيح وإلى زمان تعطل هذه القوى، أو تداعيها، ليس أكثر من أربعين سنة، بالنسبة للناس الأقوياء البنية والأصحاء. هذا لمن لا يبتلى بالأمراض والابتلاءات التي نراها في كل يوم، ونحن عنها غافلون.

وعلى عجل افترض لك في عالم الخيال الذي لا أصل له أنك ستعيش مائة وخمسين سنة... تتوفر لك فيها جميع أسباب الشهوة والغضب والشيطنة... ولأفترض أنك لن تبتلى بأي شي‏ء يكدر صفوك. فما هي عاقبتك بعد هذه المدة القليلة التي تمر مر الرياح؟ هل تدَّخر شيئاً من هذه اللذَّات لحياتك الأبدية؟ ليوم فقرك ووحدتك؟ لبرزخك وقيامتك؟ لملاقاة ملائكة اللَّه وأولياء اللَّه وأنبيائه؟ اللهم إلا الأعمال القبيحة المنكرة التي يعطونك صورتها في البرزخ والقيامة. تلك الصورة التي لا يعلم حقيقتها إلا اللَّه تبارك وتعالى. كل ما سمعته عن نار جهنم وعذاب القبر والقيامة وغيرها وقايسته بنار الدنيا وعذاب الدنيا، فقد أخطأت الفهم وأسأت القياس. نار هذا العالم أمر عرضي بارد. عذاب هذا العالم ناقص وقصير. لو جمعت كل نيران هذا العالم فإنها لا تستطيع إحراق روح الإنسان. النار هناك بالإضافة إلى أنها تحرق الجسم فإنها تحرق الروح وتذيب القلب، وتحرق الفؤاد! كل ما سمعته حتى الآن كائناً من كان من سمعت منه، هو جهنم أعمالك التي تراها حاضرة هناك. يقول اللَّه تعالى: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا . هنا أكلت مال اليتيم... تلذذت به... يعلم اللَّه ما هي الصورة التي تراها في ذلك العالم في جهنم. و"اللذة" التي ستكون من نصيبك.

هنا أسأت القول للناس، أحرقت قلب الناس إحراق قلب العباد هنا، يعلم اللَّه أي عذاب يستتبعه في تلك الدنيا. عندما تراه ستفهم أي عذاب أعددت لنفسك. عندما اغتبت، أعدَّت لك الصورة الملكوتية للغيبة، وتَرِدُ إليك وتحشر معك، وستذوق عذابها.

وهذه الأمور، جهنم الأعمال التي هي سهلة وهينة وباردة أو هنيئة، وهي للذين هم أهل المعاصي. أما الأشخاص الذين أصبحت لهم ملكات فاسدة ورذيلة وباطلة من قبيل ملكة الطمع، الحرص، الجحود، الجدال، الشره، حب المال والجاه والدنيا، وسائر الملكات المنحطة فلهم جهنم لا يمكن تصورها. صورها لا تخطر في قلبي وقلبك. تظهر من باطن النفس، فيهرب من عذابها أهل جهنم مذعورين. ورد في بعض الروايات الموثقة: "إن في جهنم لوادياً للمتكبرين يقال له سقر، شكا إلى اللَّه عزّ وجلّ شدة حره، وسأله أن يتنفس، فتنفس فأحرق جهنم"(2)!! أحياناً تصبح هذه الملكات السبب في أن يخلد الإنسان في جهنم، لأنها تسلبه الإيمان. مثل الحسد الذي ورد في رواياتنا الصحيحة، "إن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب"(3)... وحب الدنيا والجاه والمال حيث ورد في الروايات الصحيحة: "ما ذئبان ضاريان في غنم قد فارقها رعاؤها أحدهما في أولها والآخر في آخرها بأفسد منها من حب المال والشرف في دين المسلم"(4).

معاذ اللَّه أن تؤول عاقبة المعاصي إلى الملكات والأخلاق الظلمانية القبيحة، وتؤدي هذه إلى زوال الإيمان، وموت الإنسان على الكفر، فإن جهنم الكافر وجهنم العقائد الباطلة أصعب بمراتب من تينك الجهنمين، وأشد إحراقاً وظلاماً.


(1) من "الحديث الأول" تحت عنوان "فصل في ضبط الخيال.
(2) عن الإمام الصادق عليه السلام، أصول الكافي، ج‏2، باب الكبر، ح‏10.
(3) الكليني، الكافي، ج‏2، باب الحسد، ح‏2.
(4) الكافي، ج‏2، باب الدنيا والحرص عليها، ح‏2.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع