العلاّمة الشيخ حسن طراد
من طهر مريم بنت الطهر عمرانا
يستلهم الفكر إيماناً وإحساناً
ويقبس الوعي أضواءً يزول بها
ليلُ الضلال ويزهو أفق دنيانا
قد مثلت بهداها السمح ما دفعت
له الشرائعُ إخلاصاً وإذعاناً
حتَّى تسامت بأخلاقٍ معطَّرةٍ
وعفةٍ قد بدت للطهر عنواناً
وأصبحت بِعُلاهَا الفذِّ فَاقِدةً
في الأرض كفء عظيمَ الشأن إنساناً
وقدَّر اللَّهُ أن تُمسي لمُرسَلِهِ
أماً طهوراً تسامت في الورى شانا
فأرسل اللَّه جبرائيل واسطةً
ليحصلَ القصدُ إعجازاً لنا بانا
والحق أبدع قدماً دون واسطة
آباءِ آدمَ أصلَ الخلق مَبدانا
ليدرك العقل أنَّ اللَّه مقتدر
أنْ يُبدعَ الخلقَ أنواعاً وألوانا
قد جاد بالصنع آياتٍ مبينة
تُبدي الحقيقةَ للأفكار إعلانا
لنعبد الحق إيماناً وتلبيةً
كما أراد إلهُ الخلق مولانا
وندرك الخير أفراداً ومجتمعاً
ونجتني السعدَ أرواحاً وأبدانا
وإن أردت نداء الحق تسمعه
من المهيمن آياتاً وقرآنا
فتلك آية صدق أوضحت علناً
وعبَّدت لبلوغ القصد ميدانا
لو أنَّ أهل القرى ساروا على سننٍ
من الشريعةِ يُعلي قدرَ من دانا
لأنزل اللَّهُ خيراتٍ ومرحمةً
تُجَنِّبُ المرءَ آلاماً وأحزانا
لكنَّهم تركوا نهج السَّما سَفَهاً
ليجتنوا البؤسَ أسقاماً وأشجانا
هذي الحروبُ التي ذُقنا مرارتها
فقراً وحزناً وأحقاداً وأضغانا
جاءت نتيجة أهواءٍ مُفرقةٍ
تَعصي الإلهَ لتُعطي القصدَ شيطانا
عوداً إلى اللَّه كي نجني برحمته
عفواً وأجراً وإكراماً وغفرانا
فالحر خالف نهج الحق مبتدئاً
وحاربَ السِّبطَ إسراراً وإعلانا
وتاب لِلَّه مِمَّا كان مقترفاً
وناصرَ الحق حَتَّى نال رضوانا
وصار حراً ضميراً موقفاً وتُقىً
تُعطي الدروسَ لساهي القلب حيرانا